السياحة البحرية بمواصفات الرؤية
يعد هذا العصر الذي نعيش فيه النموذج الأكثر وضوحا للحياة الروتينية المليئة بالأعمال المرهقة بشكل متزايد، وهذا يجعل البحث عن أيام للاسترخاء هو أكثر من مجرد هرب من الروتين، بل هو الرفاهية، خاصة في الأماكن التي تكون فيها الشمس والبحر في الشكل المثالي تقريبا، وفي كل الأوقات.
مثل هذه المناطق التي يبحث عنها الهاربون من زحمة الحياة، تكون عادة في جزر بحرية جميلة وغنية بالحياة، لكن نجاح أي جزيرة في تحقيق هذه الجاذبية السياحية لا يستند إلى الشمس والبحر فقط، بل لا بد من توافر خصائص عدة، من بينها البيئات الطبيعية المميزة والجوانب التاريخية والاجتماعية والثقافية، التي يمكن أن تقدم تجارب جديدة وحقيقية لصناعة وجهة سياحية ناجحة، فالطبيعة البيئية والتكوينات وشكل الجزيرة مع قربها من الأسواق تعد عناصر أساسية لتطوير السياحة الناجحة، ومع ذلك قلما تتوافر هذه العناصر في جزيرة، فبينما توجد جزر سياحية تتوافر فيها معظم هذه العناصر، إلا أنها تقع في أقصى الأرض، ويتطلب الوصول إليها قطع مسافات باستخدام جميع أنواع وسائل النقل، ولهذا ظل السفر نحو هذه الجزر البعيدة الجميلة حلما طالما راود الكثير، ومنعهتم عنه تلك المسافات والدروب. ومن المدهش حقا أن ندرك أن السواحل السعودية مليئة بمثل هذه الجزر الحالمة، وهي أقرب إلينا وإلى جميع العالم من تلك الجزر النائية، لكن حال دون هذه الجزر السعودية توفير العناصر الأساسية للسياحية الناجحة.
ولهذا يعد إعلان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة شركة نيوم، تطوير جزيرة "سندالة" كأول وجهات نيوم للسياحة البحرية الفاخرة، نقطة تحول مركزية في اقتصاد الجزر السياحية، الذي تستهدفه المملكة في طريقها نحو تنويع مصادر الدخل، وأحد أهم المشاريع الداعمة للاستراتيجية الوطنية للسياحة.
وتشير الدراسات المتخصصة في هذا النوع من السياحة "سياحة الجزر أو السياحة إلى الجزر" إلى أن جائحة كوفيد - 19 قد أدت إلى توقف السياحة نحو الجزر التي تعتمد بشكل كبير على تدفقات كبيرة من السياح، ونماذج السياحة الجماعية للدول ذات الجزر الصغيرة، ما أدى إلى مشكلة اقتصادية لتلك الدول، وفي المقابل كان أداء بعض جزر السياحة مميزا، وتبين أن تلك الجزر قد ركزت على توفير تجارب شخصية قائمة على الطبيعة للسياح المحليين في الأغلب.
على الرغم من أن الوباء كان له تأثير سلبي إلى حد كبير في قطاع السياحة، إلا أن هذه الجزر ذات المزايا النسبية قد مكنت من تحقيق فرص نمو فريدة، ولهذا فإن سياحة الجزر تقدم نموذجا للصمود في حال الانكماش الاقتصادي أو الأزمات المتعلقة بالصحة والبيئة، طالما تميزت هذه الجزر - وفقا لهذه الدراسات - بالإدارة المسؤولة للموارد الطبيعية، مع تعزيز الخبرات السياحية المبتكرة والشخصية.
في هذا الإطار فإن جزيرة "سندالة" تمثل مثل هذا النموذج من الاقتصاد السياحي المستدام، وهي في البحر الأحمر على مساحة إجمالية تقارب 840 ألف متر مربع، وتعد واحدة من مجموعة من الجزر التي سيتم تطويرها في نيوم، وفق رؤى وتصاميم مختلفة تميز كل جزيرة عن الأخرى، وإذا قيل جزيرة على البحر الأحمر فإننا نتذكر فورا الشعب المرجانية الرائعة، والأسماك النادرة، والمياه الزرقاء الخالية من تلوث المدن الصناعية، مع المناخ المستقر تقريبا على طول العام، ما يوفر تجارب بحرية رائعة وآمنة في كل وقت، وفوق ذلك موقع جغرافي يعد الأنسب لكل دول العالم بلا استثناء.
ولهذا تستحق جزيرة سندالة - كما أعلن الأمير محمد بن سلمان - أن تكون البوابة الرئيسة للرحلات البحرية في البحر الأحمر، ولحظة مهمة تعكس تسارع التطوير في نيوم، وتجسد خطوة رئيسة لتحقيق طموحاتنا السياحية في إطار رؤية السعودية 2030، فهي إلى جانب مشاريع نيوم العملاقة مثل "تروجينا" الوجهة السياحة الجبلية في نيوم، و"أوكساچون"، المدينة الصناعية في نيوم، إضافة إلى مدينة المستقبل "ذالاين"، فهي جميعا تمثل عناصر متكاملة لحياة المستقبل المليئة بالإنتاج في بيئات مناسبة معززة للحياة الإنسانية، بعيدا عن مشهد المدن الكبيرة المزدحمة اليوم، وبكل هذه المشاريع تتكامل العناصر التي تجعل من اقتصاد سياحة الجزر في المملكة واحدا من أنجح التجارب الاقتصادية وموردا اقتصاديا مهما.
والجزيرة ستجمع عددا من العلامات التجارية العالمية لتوفر منظومة سياحية متكاملة متفردة تلبي احتياجات مختلف الشرائح من خلال عدد من المتاجر، وهذا يتيح لاقتصاد مشروع جزيرة سندالة توفير أكثر من 3500 وظيفة تدعم القطاع السياحي وخدمات الضيافة والترفيه، نظرا إلى ما تقدمه من خدمات وغرف فندقية بأعلى المعايير العالمية سيتجاوز عددها 400 غرفة، إضافة إلى أكثر من 300 شقة فندقية راقية، وناد شاطئي فاخر وناد لليخوت، مع تقديم تجارب استثنائية في المطاعم العالمية في الجزيرة، حيث ستكون "سندالة" أول وجهة بحرية فاخرة ونوادي اليخوت على البحر الأحمر في نيوم، بمرسى يوفر 86 رصيفا بحريا، يجعله وجهة مثالية لاستيعاب القوارب واليخوت الكبيرة، ما يجعلها البوابة الرئيسة للبحر الأحمر، ولمحبي رياضة الجولف أرض تبلغ مساحتها 6474 ياردة "5،920 مترا"، بهذا تنطلق صناعة سياحة الجزر في المملكة بموقع فريد وطبيعة ساحرة، لتصبح أيقونة سياحية جديدة في العالم.