Author

تلاعب الشركات «1 من 2»

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

يؤدي نجاح الموظفين المهني أو علاقاتهم الشخصية إلى وصولهم جناح القيادة التنفيذية في الشركات، أي إنهم بطبيعة الحال يكسبون مزيدا من الأموال في صورة رواتب ضخمة ومكافآت أكثر وامتيازات مالية أوسع. تجدر الإشارة إلى أن بعض المناصب التنفيذية تحقق ثروة شخصية تعادل أرباح الشركات الريادية الناجحة، وهي حقوق مشروعة طالما أنها تتسم بالنزاهة، كما أنها، أي القيادة التنفيذية، تتحول إلى أسلوب حياة لا يمكن التنازل عنه في الغالب، حتى لو تطلب الأمر ارتكاب ممارسات ضارة قد تلحق الضرر بالشركة والمساهمين على المديين المتوسط والبعيد، ولا سيما إذا ما تعرضت أعمال الشركة للتراجع أو لظروف تنافسية حادة أو للتغيرات الاقتصادية العامة على المستوى المحلي أو العالمي.
هناك دوافع أخرى معروفة لدى المختصين في مكافحة الاحتيال بخلاف الدوافع الذاتية أو ضعف أداء الشركة، حيث يلجأ بعض الرؤساء التنفيذيين وبمساعدة بعض الماليين، إلى التلاعب بالقوائم المالية من خلال مجموعة من الممارسات، كالتلاعب في الإيرادات والمصروفات أو الأصول والالتزامات أو التدفقات النقدية من خلال أساليب متنوعة على أساس زمني، كالتقديم أو التأخير أو التأجيل أو تعديل التصنيف الصحيح لطبيعة الأموال الداخلة أو الخارجة، سواء أموال استثمارية أو تمويلية أو تشغيلية بما في ذلك تعديل العمر الزمني للأصول، أو التلاعب في البيانات والتقديرات أو توقيت الإفصاح، وقد يصل الأمر إلى حذف وشطب وإخفاء معلومات بطرق مقصودة أو تنفيذ معاملات وعقود وهمية، أي إن بعضها معاملات صورية أو نفعية قد يصعب تعقبها.
كما أن هناك طرقا للتلاعب بمسميات التبويب من أجل خداع المراجعين الداخليين والخارجيين، بهدف تعقيد مسائل الإثبات في المراجعة أو تشتيت عين الرقيب والمحللين، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال مقارنة التبويب وفحص منهجيات وسياسات المحاسبة. بمعنى آخر، يجتهد المتلاعبون في إضعاف الثبات النسبي للقوائم.
وتوجد هناك طرق أكثر تعقيدا للخداع - على سبيل المثال - اتخاذ قرارات الاندماج بهدف التأثير في الأصول والمراكز المالية بطرق ملتوية، تؤدي إلى هدر قيمة تلك الأصول وإخفاء الماضي لها، أو عقود بشروط معلقة تفتح ثغرات للتلاعب، أو قرارات تتعلق بزيادة معدلات القروض أو خفضها لغايات متعلقة بتأثير سعر الورقة المالية، وبالتالي تتحسن المؤشرات المالية للسهم، أي بسبب تلك القرارات، ويمكن اكتشاف ذلك بمراجعة عائد القروض على أعمال الشركة الاقتصادية ومدى تأثير القروض في أعمال الشركة التشغيلية أو الرأسمالية الفعلية، أو حتى مراجعة استراتيجية الشركة بشكل شمولي، ومدى ارتباط تلك الديون بالميزانية، وإذا ما كانت الشركة تخطط أعمالها بطريقة جيدة واستباقية، وعلى الرغم من ذلك لا يمكن الاعتماد على ذلك، أي تعقب الأثر الاقتصادي والمالي، إلا بوجود قرائن أخرى تؤكد وجود ممارسات تنفيذية مضللة أو مخادعة.
ختاما، تلاعب التنفيذيين ظاهرة عالمية تحت نظر القانون ودوافع الشركات للتلاعب في القوائم المالية لا حصر لها، سنتحدث عن الحلول في المقالة المقبلة... يتبع.

إنشرها