Author

منصة «دليل» تبحث عن المستثمر والمبادر

|
عضو اللجنة المالية والاقتصادية ـ مجلس الشورى

برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية يعد واحدا من أهم برامج رؤية المملكة 2030، لأنه يخوض غمار تطوير أربعة قطاعات معا "الطاقة، التعدين، الصناعة، والخدمات اللوجستية"، فالبرنامج من خلال وثائقه يؤكد تحويل المملكة إلى قوة صناعية ومنصة لوجستية عالمية، وتعظيم القيمة المتحققة من قطاعي التعدين والطاقة، والمحتوى المحلي والثورة الصناعية الرابعة.
فالبرنامج يأتي في ظل تحديات الثورة الصناعية الرابعة، وهو في هذا التحدي يريد أن يحقق تقدما جوهريا في نسبة المحتوى المحلي، وإذا نظرت إلى هذه الصورة تجد أنه لا بد من تطوير الصناعة المحلية أولا لتتناسب مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة وفي أربعة محاور معا، وذلك قبل أي مطالبات بمحتوى محلي، ولتحقيق ذلك تم إطلاق خطة تنفيذية محدثة لبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية "ندلب"، تغطي الفترة بين 2021 و2025، وقد تم اعتمادها من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. للحقيقة وكمراقب اقتصادي، فإن برنامج ندلب يعد من وجهة نظري حجر الزاوية في رؤية 2030، وأي تطوير في أي برنامج آخر سينعكس أو يتأثر بما يتحقق في برنامج ندلب، ولو أخذنا مثلا برامج شركة نيوم نجدها تعمل في جانب الثورة الرقمية والثورة الصناعية الرابعة بكل أبعادها، مع مشاريع عملاقة، مثل: أوكساچون وهو مشروع لا يخرج عن مسارات الطاقة والتعدين والصناعة، والخدمات اللوجستية، وهكذا في المشاريع الرائدة الأخرى، حتى تلك التي تمس قطاعات السياحة وتحتاج إلى خدمات لوجستية، كما أنها محك أساس في تنمية المحتوى المحلي، أحد ركائز برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، وبهذا فإن برنامج ندلب كمن يقول، "أمطري حيث شئت فسيأتيني خراجك". لهذه الحقيقة فإنني أهتم بمتابعة أي تقدم يتم إحرازه في هذا البرنامج "ندلب"، لأنه يعني أن هناك تقدما قويا في جميع البرامج، كما أن خطة تنفيذ البرنامج تعمل على تحسين ممكنات من شأنها أن تسهم في رفع مستوى إشراك القطاع الخاص، ومن أبرز تلك الممكنات "التمكين المالي، وتطوير البنية التحتية، وتحسين الأنظمة والتشريعات"، وهذا مرة أخرى يؤكد شمولية البرنامج، وأنه الركيزة أو المرآة الأساسية لقياس مدى تقدمنا في "الرؤية"، وخلال أعمال منتدى الرياض الاقتصادي لفت نظري وجود منصة لهذا البرنامج، فلم يكن لي ترك فرصة التعرف على التقدم الذي تم إحرازه، ويمكن القول فعلا إن هناك تقدما كبيرا ونضجا لم يكن متوافرا في فترات سابقة، ولقد حققت رؤية 2030 تقدما واختراقا حقيقيا لثقافتنا الاقتصادية، وتحولا سيكون له أثر في قيادتنا للعالم بعد 2030.
أنصح كل الشباب والمبادرين وأصحاب المشاريع بزيارة البرنامج وموقعه على الإنترنت https://daleel.gov.sa، ستقدم لهم منصة "دليل" خريطة عمل رائعة، وستختصر لهم مسارات كانت تعد غامضة، ففي الموقع أدلة للاستثمار في الصناعات الكيماوية، أو الاستزراع المائي، أو السيارات أو الآلات والمعدات، "أمطري حيث شئت"، ففي المنصة دليل لما تشاء من مشاريع، حتى الصناعات الغذائية والطاقة المتجددة والأجهزة الطبية، بل حتى في الصناعات العسكرية، وإن كنت مهتما بأن تصبح مبادرا في الصناعة فستجد أيقونة الصناعة، وهي تتضمن القطاعات التي ترغب في دخولها، وفي كل قطاع يأخذك الدليل نحو مسار ورحلة المستثمر، الذي يتضمن للأجنبي 17 خطوة وللسعودي 16 خطوة تبدأ من البحث والتوعية وتنتهي بطلب الدعم، وذلك بتفصيل موسع عن كل خطوة، وبعض تلك الخطوات إلزامي وبعضها اختياري، توضح لك المنصة كل ذلك. من المهم الإشارة إلى أن زيارتي منصة ندلب في منتدى الرياض الاقتصادي جاءت على خلفية مشاركتي بتقديم ورقة بشأن الرسوم التي تواجه القطاع الخاص وكيفية التعامل معها، كان من ضمن التوصيات ضرورة وجود منصة لذلك، وقد قدمت منصة دليل ضمن مراحل المشروع تفصيلا لآليات إصدار السجل والرسوم المتوقعة لكل مشروع، كما أن المنصة تأخذك حتى آليات تأمين الأرض الصناعية، وهي كلها من الممكنات التي يحتاج إليها المستثمر. ترتبط منصة دليل بمنصة "استثمر في السعودية"، وهي المنصة التي تشرف عليها وزارة الاستثمار، وهي تتضمن كل الفرص الاستثمارية في جميع الصناعات ومجالات الطاقة والثورة الصناعية الرابعة، فالترابط بين المنصتين واضح، والتنسيق بينهما ضروري.
في رأيي، إن منصة دليل تعد خطوة كبيرة تحتاج إلى دعم إعلامي مناسب لتصل فكرتها إلى كل المهتمين، وعلى "منشآت" ربطها بمنصاتها وكذلك كل البنوك الممولة، فالمشكلة التي ما زالت عالقة أننا لا نعرف حقيقة، أين هم المستثمرون، وأين هم المبادرون؟ إنهم في مكان ما يبحثون عن فرصة، قد تجدهم في "تويتر" أو في زيارة موقع بنك للبحث عن تمويل، أو تجدهم يقرأون مقالا عن فرص استثمارية، لذلك فمن واجب منصة دليل وغيرها أن تبحث عنهم وتمون إعلاناتها في كل مكان، وأن نستثمر في وعي الشباب أكثر وجذبهم للفرص وتشجيعهم على التحول إلى مبادرين، بدءا من لحظة حصولهم على وثائق التخرج.

إنشرها