فهم آراء المستهلكين والسيطرة على التضخم «3 من 3»
أوضحت ردود وآراء المستهلكين حول آثار الصدمات الاقتصادية بأنها متباينة إلى حد كبير، مع وجود اختلافات كبيرة سواء داخل عينتي الأسر والخبراء أو بين العينتين. وفي بعض الحالات، اختلفت آراء الأسر والخبراء حول ما إذا كان لصدمة معينة تأثير إيجابي أو سلبي في التضخم والبطالة. وأكثر ما كان لافتا للانتباه هو اعتقاد الأسر، في المتوسط، أن ارتفاع سعر الفائدة الأساس الصادر عن البنك المركزي وارتفاع ضرائب الدخل يؤديان إلى ارتفاع التضخم، على عكس تنبؤات الخبراء وعديد من النماذج المنهجية التي تشير إلى انخفاضه
وفي الجزء الثاني من المسح، بحثنا أسباب الاختلاف بين مجموعتي الخبراء والأسر وداخل المجموعتين. ويبدو أن جزءا من الاختلاف ينشأ لأن المجيبين يعتقدون أن الصدمات تعمل من خلال قنوات انتقال مختلفة - وتحديدا، آليات الطلب والعرض. وباستخدام مجموعة من الأسئلة متعددة الاختيارات ومربعات النص المفتوح، طلبنا من المجيبين وصف ما كانوا يفكرون فيه عند وضع تنبؤاتهم. ووجدنا أن هذه الروابط فسرت جزءا كبيرا من الاختلافات في التنبؤات. وليس من المستغرب أن الخبراء اعتمدوا في الأغلب على معرفتهم الفنية، باستخدام أطر عمل مأخوذة من مجموعات أدواتهم اليومية، وفي الغالب عمل إشارات مرجعية مباشرة للنماذج النظرية أو الدراسات التجريبية. وفي المقابل، اعتمدت الأسر على مجموعة واسعة من المناهج في وضع توقعاتها. واعتمدت في الأغلب على تجارب شخصية، أو تأثرت بآراء سياسية، أو توقعت ببساطة كيف يمكن أن تؤثر صدمة معينة في الاقتصاد.
وعلاوة على ذلك، عندما تفكر الأسر في آليات معينة لانتشار الصدمات، فإنها في الأغلب ما تفكر في قنوات مختلفة تماما عما يفكر فيه الخبراء. وهذا بدوره يفسر جزئيا سبب اختلاف تنبؤاتها لبعض الصدمات بشكل ملحوظ عن تنبؤات الخبراء. فعلى سبيل المثال، في الأغلب ما فكرت الأسر في تأثير ارتفاع أسعار الفائدة في تكاليف اقتراض الشركات لرؤوس الأموال، التي تنتقل إلى المستهلكين عن طريق ارتفاع الأسعار. من الناحية الأخرى، فكر الخبراء في الأغلب في قناة الطلب المعروفة، التي تتنبأ بانخفاض التضخم استجابة لارتفاع أسعار الفائدة، حيث يقوم المستهلكون بتخفيض الإنفاق وزيادة الادخار.
وبشأن الدلالات السياقية، هل تعد هذه النتائج أخبارا سيئة لمسؤولي البنوك المركزية؟ إذا فسر عامة الناس رفع أسعار الفائدة بأنه دلالة على ارتفاع التضخم، فهل يمكن أن تزداد صعوبة نجاح البنوك المركزية في كبح جماح التضخم؟ تشير إحدى النتائج النهائية للعملية التي أجريناها إلى أن أحد الحلول يتمثل في الإفصاح الفاعل عن إجراءات السياسات.
ويمكن للدلالات السياقية أن تشكل قنوات انتشار الصدمات التي يفكر فيها الأفراد وبالتالي التنبؤات التي يضعونها. ورأينا أن الأسر التي استحثت على التفكير في قنوات الطلب قبل وضع تنبؤاتها، كانت تنبؤاتها عن أثر صدمات السياسة النقدية تتماشى في الأغلب مع تنبؤات الخبراء.