Author

الثورة الابتكارية في المملكة

|

*أستاذ وباحث في الهندسة والأنظمة الابتكارية

حينما نتحدث عن مفهوم الابتكار، فإنما نعني به المستقبل بآفاقه وأبعاده ومنجزاته، بوصفه محركا أساسيا في التنمية وتقدم الأمم، وأشبه ما يكون بثقافة قائمة بذاتها تسهم مساهمة فاعلة وحيوية في نماء المجتمعات البشرية وتقدمها، ولا شك أنه لا يمكن إيجاد بيئة مواتية للابتكار دون أن يكون هناك استيعاب له من خلال المجتمع بجميع مكوناته، إضافة إلى ضرورة توافر الإمكانات المادية والعلمية والبحثية، كذلك الإرادة الداعمة له من خلال الرعاية وإلارشاد والتوجيه، كما أن نشر مثل هذه الثقافة يعد من أهم الركائز التي ترتبط بتطوير استراتيجيات الابتكار وتطوير الأعمال التي تحدثت عنها في أولى مقالاتي عند حديثي عن موضوع الابتكار، ونحن الآن نراه كثورة كبرى تتعاظم في بلدنا المعطاء لتحقيق متسهدفات الرؤية المباركة، وأصبحنا نرى إطلاق عديد من المسابقات ومختلف التحديات والبرامج هنا وهنالك، التي تعد من العوامل المهمة يتم من خلالها نشر ثقافة الابتكار وبيان أهميته في مسيرة وتقدم الدول، حيث تنشر هذه المسابقات عن طريق الهيئات والوزارات والمراكز البحثية والجامعات والشركات الاستشارية المتخصصة، ومن خلالها يتم تبنى الأفكار التي تعد بمكانة الروح لأي عملية ابتكارية.
وموضوع حديثنا في هذا المقال سيتناول، وبشكل مختصر، بعض الأمثلة لهذه المسابقات والبرامج ودورها الفاعل في نشر ثقافة الابتكار وكيفية استغلالها الاستغلال الأمثل بطريقة متكاملة تضمن فاعليتها واستدامتها، وتوفر الجهود والطاقات والوقت ويسهل الحصول على المعلومة الابتكارية وتقيميها والاستفادة منها بشكل مباشر وربط موحد ويكفل استمرارية هذه الجهود.
المتابع لتلك البرامج والفعاليات يلحظ إطلاق عديد من المسابقات والبرامج في مسارات متعددة في تخصصات مختلفة، تهدف إلى نشر ثقافة الابتكار وبيان أهميته، ومن بعض الأمثلة على ذلك مسابقات وبرامج التحدي الابتكارية التي تتبناها جامعه الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ومسابقة الابتكار والإبداع الطلابي لكلية الهندسة في جامعة الملك سعود، ومسابقة الابتكارات العلمية في جامعة الملك فيصل، والمسابقة الوطنية للابتكار "عصف" التي نظمتها جامعة حائل، والمسابقة العالمية للابتكار التقني التي تطلقها شركة كي بي إم جي للاستشارات المهنية في السعودية، والبرامج والتحديات والمسابقات الابتكارية التي تنظمها وزارة التعليم، مثل برنامج تحدي الابتكار الجامعي للتنمية المستدامة، وعديد من البرامج والمسابقات التي تطلقها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا"، مثل تحدي نيوم، ومسابقات الابتكارات الرقمية التي تطلقها وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، ومسابقة الابتكارات العلمية، التي ينظمها مركز الأمير سلطان بن عبدالعزيز للعلوم والتقنية "سايتك"، ومسابقة الابتكار في مجال الصناعات العسكرية والدفاعية في المملكة، التي أعلنتها الهيئة العامة للصناعات العسكرية بالشراكة مع الهيئة العامة للتطوير الدفاعي، وبالتعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، والشركة السعودية للصناعات العسكرية، وغير هذه المحفزات والمسابقات كثير.
الهدف مما تم استعراضه من هذه المسابقات والمبادرات والتحديات وغيرها، التي لا نستطيع حصرها جميعا في هذا المقال، وأصبحت كثورة للابتكارات في مختلف التخصصات، هو نشر ثقافة الابتكار ودعم وتمكين وتحفيز وتشجيع المبتكرين المخترعين والموهوبين من أجل تقديم حلول ابتكارية محلية لمشكلات واحتياجات ضرورية في مختلف المجالات والتخصصات المختلفة، سواء مدنية خدمية صحية أو عسكرية دفاعية، كذلك العمل والسعي إلى استثمار نتائج تلك المسابقات من خلال تقييمها والوصول إلى ابتكارات نوعية منها، وتسهيل وصول أصحاب ورواد الأعمال والمستثمرين، وتوطين صناعاتها محليا وبشكل مستدام، وأرى مع أهمية إقامة مثل هذه المسابقات والبرامج والمبادرات، أهمية أن يدرج وضع استراتيجية للاحتياجات الوطنية الفعلية وكذلك العالمية، بحيث تحدد الاحتياجات والمشكلات الكبرى التي تحتاج إلى حلول ابتكارية وفي ضوء ذلك يتم وضع مسارات لهذه المسابقات بتخصصات متعددة "بيئية ـ زراعية ـ طبية ـ أمنية ـ دفاعية ـ وغيرها) بأزمنة محددة ويكون تنظيمها عن طريق منصة إلكترونية وطنية ويتم ربطها بشبكة موحدة مع جميع الجهات ذات العلاقة بخطط زمنية خلال العام الواحد، وبالتالي يسهل للجميع المشاركة والاستفادة من الفرص المطروحة لمن لم يحالفه الحظ في الالتحاق بأي برنامج أو مبادرة أو مسابقة من المهتمين، ونضمن كذلك عدم تكرار مثل هذه المنافسات والتحديات والأفكار المقترحة، وتكون لدينا أيضا قاعدة بيانات لكل هذه الأفكار والحلول يتم تسجيلها كمرجعية، ما يسهل الوصول إلى المعلومة والرجوع إليها وقت الحاجة من قبل المهتمين ومن جميع الجهات ذات العلاقة، خصوصا أصحاب الدعم واتخاذ القرار للاطلاع بسهولة على تلك البرامج والفعاليات والنتائج لحظيا.

إنشرها