مشروع فيلم

لو لبست ثوب كاتب "سيناريو"، ووجدت سينمائية أو سينمائيا لخوض المغامرة معي، لكتبت عن توقعات مستقبلية يثور فيها الإنسان على الآلة أو التقنية التي تتنبأ كثير من الأفلام الأجنبية أنها ستسيطر بشكل أو بآخر على الكوكب خلال العقود المقبلة.
لطالما تساءلت، عندما تحل كل "الخوادم" الإلكترونية أو الرقمية أو التقنية - سمها ما شئت - مكان البشر، وتصبح "الروبوتات" على خطوط الإنتاج، وغرف العمليات الجراحية الطبية، ومكاتب الاستقبال، والمزارع، وخلف مقود أي وسيلة نقل، عندها ماذا سيفعل البشر؟ البشر الذين يتكاثرون، وهم أيضا من يكثرون من أعداد هذه التقنيات بغية الحداثة والتقدم، وهي بالفعل مؤشر حداثة وتقدم.
أشعر بهاجس أن كل الخدمات والمنتجات تحتاج إلى من يشتريها أو يستهلكها، وإذا سيطرت الآلة التي لا تأكل ولا تشرب ولا تلبس ولا تستمتع ولا تسافر وتسكن الفنادق بعد نصف قرن مثلا، أو حتى بعد قرن، فمن سيقوم بالاستهلاك؟ هل يمكنني أن أضع في السيناريو السينمائي فكرة ثورة البشر على الآلة، التي عدوا الاعتماد عليها ثورة في حد ذاتها؟
في هذا "الفيلم" ربط أحلم أن يكون فلسفيا بين صورتين، الأولى قبول الإنسان عند الحاجة الشديدة مشاركة إنسان آخر مسكنا، أو خبزا، أو رداء، أو شعلة نار في برميل قمامة في الشارع "لإضفاء السمة النيويوركية"، والثانية صعوبة أو استحالة أن يشارك الإنسان إنسانا في هاتفه الذكي، أو حسابه في التطبيقات الاتصالية، أو رجلا آليا يمتلكه ويسخره - في مرحلة ما - لخدمته.
أما السؤال/ المعضلة في هذا السيناريو الذي أتمنى أن يرتكز عليه المخرج فهو، هل المطلوب أن يتحول الإنسان كائن اللحم والشحم والعظام والأمراض والمزاج والقوة والضعف والعقل والقلب إلى رجل آلي في طباعة وحياته، أو أن تستمر محاولات تقريب "الروبوت" إلى "البشرية" عبر إضافات وأفكار لا نعرف أين وكيف تنتهي.
ترتكز السينما على الخيال، وبعض الجنون، والذهاب بعيدا، إلا أن هذا السيناريو وبمقياس سرعة التحولات هو أقرب للبشرية كمكون كوكبي، "يبدو مكونا كوكبيا مثيرا سينمائيا"، أكثر مما يتوقعون.
علامة الاستفهام التي يجب أن يتركها هذا العمل الفني السينمائي الخيالي في ذهن المتلقي، تأتي بعد أسئلة، "من الذي يستخدم من اليوم؟ ومن سيفعل في المستقبل؟ التقنية أم الإنسان؟"، وربما هذا تحميل للاستعمار التقني الممنهج أكثر مما يحتمل، وربما هي مجرد خيالات فيلم آخر يضاف إلى مجموعة الأفلام التي يستمتع الإنسان فيها بقراءة ملامح مآسيه في المستقبل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي