الوصول إلى اقتصاد صناعي مستدام

أفضل دائما في مقالاتي أن أستحضر الماضي وكيف تعامل الآباء مع الموضوع الذي أطرحه، لأذكر أن المؤسسين لهذه الدولة المباركة بذلوا جهودا في تطوير جميع القطاعات وتم تحقيق النتائج التي نقوم بالبناء عليها الآن بعد أن توافرت لهم إمكانات لم تكن متوافرة لهم آنذاك.
وموضوع اليوم، وهو تشجيع الصناعة الوطنية، التي بدأت مع اكتشاف النفط قبل عدد من العقود، ويعد الركيزة الأساسية لقيام الصناعة السعودية الحديثة، وقد أولت الدولة أهمية كبيرة للتنمية الصناعية، وقدمت أنواع الدعم والمساندة كافة. وجاءت الاستراتيجية الوطنية للصناعة التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في الأسبوع الماضي، لتؤكد هذا النهج، حيث قال بلغة الواثق من المستقبل "لدينا الممكنات للوصول إلى اقتصاد صناعي تنافسي مستدام من مواهب شابة طموحة وموقع جغرافي متميز وموارد طبيعية غنية وشركات صناعية وطنية رائدة"، وإعجابا بهذه العبارة السامية اخترتها عنوانا لمقالي. وبلغة الأرقام، فإن الاستراتيجية الوطنية للصناعة تركز على 12 قطاعا فرعيا لتنويع الاقتصاد الصناعي، فيما حددت أكثر من 800 فرصة استثمارية بقيمة "تريليون ريال"، أي ما يعادل "266 مليار دولار"، ما يحقق عوائد اقتصادية طموحة بحلول 2030، مع مضاعفة الناتج المحلي بنحو ثلاث مرات، وزيادة قيمة الصادرات الصناعية السعودية لتصل إلى 577 مليار ريال "148 مليار دولار"، وأهم من ذلك استحداث عشرات الآلاف من الوظائف النوعية عالية القيمة. وأكد بندر الخريف وزير الصناعة والثروة المعدنية، أنه لتحقيق المستهدفات الوطنية للاستراتيجية، فقد تم تشكيل اللجنة العليا للصناعة برئاسة ولي العهد، الذي يولي شخصيا اهتماما كبيرا بالقطاع الصناعي، إضافة إلى تشكيل المجلس الصناعي بمشاركة القطاع الخاص لضمان اشتراك المستثمرين الصناعيين في صنع القرار، وتطوير السياسات بالشكل الذي يحقق مستهدفات الاستراتيجية الطموحة. وقبل أن أختم هذا المقال لا بد من الإشارة إلى اهتمام القيادة بالصناعات العسكرية التي وضعت ضمن أهم برامج رؤية 2030، ولذا تم إنشاء الهيئة العامة للصناعات العسكرية، لتكون الجهة المشرعة لهذا القطاع المهم، ولكي تشرف على الشركات العاملة، وأهمها الشركة السعودية للصناعات العسكرية، التي تأخذ بأحدث التقنيات بمواصفات عالمية، وتوظف الكفاءات السعودية للعمل في هذا المجال المعتمد على البحث العلمي والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة، ونتطلع إلى تحقيق الهدف المحدد بالوصول إلى رفع نسبة توطين قطاع التصنيع العسكري المحلي بواقع عشرة أضعاف بحلول 2030، ليصبح 50 في المائة من حاجة بلادنا إلى المصنوعات العسكرية التي نستوردها الآن. ولم يكن التركيز فقط على الصناعات العسكرية والتقنية، وإنما شمل الاهتمام بالقطاعات المهمة الأخرى ذات العلاقة بتغطية الاحتياجات اليومية كالغذاء والدواء.
وأخيرا: أفضل وصف لاستراتيجية الصناعة الوطنية ولجميع الاستراتيجيات التي تصدر تباعا ما قاله الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة، حيث أكد أنها "منزوعة الأنا، لأنها جماعية ولا تقوم على تنفيذها جهة واحدة"، وهذا ما كنا نعانيه في السابق، حيث تعمل كل جهة حكومية بمعزل عن الجهات الأخرى حتى لو كانت أعمالها متداخلة وتتطلب التنسيق والتعاون والتشاور لتكون النتائج حسب الأهداف المحددة، ويتم التنفيذ في الوقت المحدد أيضا دون تأخير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي