الضيق في النفس

من الطبيعي ألا يكون الإنسان طوال فترة حياته على وتيرة واحدة سواء كانت مرحلة فرح أو ترح، هذه سنة الحياة. كنت في رحلة برية فلفتت نظري لوحة مكتوب عليها اسم أحد المخيمات، "مخيم وسع صدرك"، فقلت في نفسي لله در صاحب هذا المخيم فقد أحسن اختيار الاسم. من أبرز أسباب انشراح الصدر بعد طاعة الله صحبة ذوي الأنفس الجميلة الذين يسعد الإنسان بقربهم، وكذا البعد عمن قربه يورث الكآبة والغم. تجد مجموعة من الأصدقاء في مركبة واحدة فيدعون الآخر الأنيس ليركب معهم، فيرد أنه لا يريد أن يضيق عليهم، فيردون بصوت واحد "الضيق في النفس"، وهذا صحيح فإن الذي يضيق بالآخر هو الروح أي نفس الإنسان التي بين جنبيه، وليس الجسم المادي المجرد، بل إن عدم الارتياح قد يكون عن بعد حينما يرد اسم الشخص غير المحبوب.
يرى علماء النفس أن هناك عددا من الصفات يتميز بها الشخص المحبوب الذي عادة ما ينال محبة الناس، منها ألا يحاول أن يظهر أنه خبير في كل شيء ويتصرف مع الآخرين كما لو كان عبقري زمانه الذي لا يشق له غبار، ويرى غيره أقل منه في كل شيء، على حين أنه كان من المفترض عليه أن يتواضع ويستمع للآخرين ولا يحقر آراءهم وطروحاتهم، وإنما يناقشهم بأسلوب راق، ورحم الله الإمام الشافعي حين قال، "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب".
ثم إنه من الصفات المهمة أن يترك بعض الأمور التي يرى أنه لا جدوى من نقاشها لتمر مرور الكرام، واضعا مقولة العرب الشهيرة نصب عينيه، "كسب الناس خير من كسب المواقف"، وليس المقصود بالطبع أن يكون الإنسان إمعة ضعيفا في إبداء رأيه، وإنما المقصود عدم التمسك بالرأي والبعد عن الجدال والنقاش الحاد الذي لا يقود عادة إلى أي نتيجة، وإنما يوغر الصدور والقلوب. الشخص المحبوب يتحلى بالصبر حتى إن أخطأ البعض في حقه قولا أو فعلا. كما تجده يتغافل عن بعض الأمور تاركا إياها وكأنه لم يسمعها. خصلة الكرم من الخصال المهمة التي يحب الناس صاحبها فالبخل كما يقال عدو المرجلة! وقد يكون الكرم معنويا بالبشاشة والابتسامة الصادقة، وهو ما يعرف عن علماء النفس بلغة الجسد الإيجابية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي