Author

القيادة .. لماذا يجب أن تكون رقمية؟

|

أستاذ الطاقة الكهربائية ـ جامعة الملك سعود

[email protected]

جاء الواقع الرقمي الجديد - أو ما يعرف بالرقمنة - كنتيجة لمقياس التغيير في كيفية اختيار الناس للتواصل ومشاهدة التلفزيون والتعلم والبنوك والتسوق وتنظيم حياتهم. وخرج مفهوم الرقمنة لتطبيق عناصر الثقافة والممارسات والعمليات والتقنيات في عصر الإنترنت من أجل الاستجابة لتوقعات العملاء المتزايدة، قبل أن يلوح التحول الرقمي كإحدى أهم القضايا في مجال الأعمال وغيرها لتبدأ المنظمات في مسيرة التحول.

ومن الملاحظ أن أغلب الجهات الحكومية والخاصة أخذت على عاتقها التحول الرقمي وبدأت برسم استراتيجيات وأهداف معينة، لكن من المهم أن تعلم القيادة نفسها أن تكون رقمية.

القيادة الرقمية Digital Leadership هي الاستخدام الاستراتيجي للأصول الرقمية للمنظمة لتحقيق أهداف العمل، وبالإمكان معالجة القيادة الرقمية على مستوى الفرد والمنظمات، فعلى مستوى الفرد، يمكن تنفيذ القيادة الرقمية من قبل كبير موظفي المعلومات أو ما يسمى Chief Information Officer أو موظفين آخرين في الإشراف على الأصول الرقمية.

وللإحاطة، فقد اتجه بعض المنظمات في تسمية كبير التحول الرقمي Chief Digital Officer بدلا من المسميات الوظيفية القديمة. وبغض النظر عن المسمى الوظيفي، فإن القائد الرقمي الفاعل يدرك دائما أهداف الشركة، ويعرف كيف تدعم مسؤوليات وظيفته هذه الأهداف.

وعلى مستوى المنظمات، قد يكون القائد الرقمي شركة تستفيد بنجاح من أصولها الرقمية الخاصة لاكتساب ميزة تنافسية في السوق والمحافظة عليها. إن القادة الرقميين على استعداد لاستكشاف كيف يمكن استخدام التقنية لمساعدة المنظمة على أن تصبح أكثر استجابة لاحتياجات العملاء ومتطلبات العمل المتغيرة. ويفهم القادة الرقميون الناجحون أهمية البيانات الواردة والعمليات داخل المنظمة، إضافة إلى المعلومات الرقمية الصادرة التي تولدها المنظمة عبر الأنظمة البيئية المختلفة.

وتضمن القيادة الرقمية في أن تركز القوى العاملة على استخدام التقنية بكل أمان وبما يتماشى مع احتياجات العمل، وبالتالي إلى تحسين رضا العملاء ورفع مستوى تجاربهم.
إن القيادة الرقمية ليست خاصة بصناعة معينة، لكنها موجودة عبر الاقتصادات في صناعات مختلفة من العالم، حيث تساعد القيادة الرقمية على مواءمة الإدارة العليا مع بيئة مرنة والاستجابة لتغيير المسار إذا تطورت التقنية وبيئة السوق بصورة مفاجئة وغير متوقعة.

ففي صناعة الشحن وقبل نهاية القرن الماضي، كان استخدام أجهزة الحاسوب في جنوب آسيا من أجل إنشاء أوامر الشراء الإلكترونية في مهده. وكانت دول مثل: ماليزيا وكوريا الجنوبية واليابان وتايلاند وإندونيسيا وسنغافورة تتنافس بشدة لتكون موانئ منشأ لشحن البضائع في التجارة الدولية.

وأدركت تلك الدول بمرور الوقت أنها إذا لم تتمكن من العمل معا لبناء قيادة رقمية، فستتخلف عن الركب بسبب المصالح الأوروبية والأمريكية. في 1994، صاغت كوريا الجنوبية أول تشريع وطني بشأن التجارة الإلكترونية قبل ما يقرب من سبعة أعوام من قيام الولايات المتحدة بوضع إطار قانوني وطني للشراء عبر الإنترنت.

وكانت النتيجة مذهلة لجميع الدول التي اشتركت في جني الفوائد. لقد ذكرت شيري جورتون، شريك مؤسس لشركة بيرد آند جورتون للاستشارات التصميمية، أنه يوجد ست خصائص جوهرية للقيادة الرقمية، وذكرت منها أن الرقمنة لا تتعلق دائما بحجم المشاريع البراقة، بل تتعلق بتحويل الأشخاص أنفسهم وطرق العمل، وأن تطوير المهارات الرقمية يكون عبر المنظمة أجمع وليس داخل قسم منفصل منها فقط، ومن المهم دمج العمليات والتقنيات الرقمية لخدمة وتشكيل استراتيجيات الأعمال.

ومن خصائص القيادة الرقمية أيضا تزويد القادة التنفيذيين بالتفويض والميزانية لاختبار ودمج التقنيات الرقمية وطرق العمل المرنة، وأن تبدأ جميع البرامج والمشاريع بالبحث عن احتياجات العميل، وأخيرا إلهام الفرق والادارات حول فوائد التحول الرقمي ومزاياه.

إنشرها