السياحة السعودية .. تنظيمات تنافسية
تعد السياحة إحدى ركائز رؤية المملكة العربية السعودية 2030 للإسهام في زيادة وتنويع القاعدة الاقتصادية وجذب الاستثمارات وإدخال مفاهيم اقتصادية منتجة ومثمرة، وتوفير فرص عمل للمواطنين، والإسهام في دعم الناتج الوطني بنسبة معتبرة تعكس أهمية هذا القطاع الحيوي من الجانب الاقتصادي. وتهدف رؤية 2030 إلى رفع عدد الزيارات السياحية إلى 100 مليون زائر عام 2030، منها نحو 55 مليون زائر أجنبي و45 مليون زائر من الداخل وتوفير مليون فرصة عمل.
ولتهيئة البلاد للمفهوم والثقافة السياحية الشاملة، أطلقت الحكومة مشاريع بنية تحتية ضخمة لدعم قطاع السياحة وجعله مهيأ للمنافسة وصنع بيئة مناسبة له والانفتاح القوي تجاه تحقيق مكاسب إيجابية، منها: مشاريع نيوم، البحر الأحمر أمالا، شمال غرب المملكة، للسياحة الفاخرة المعتمدة على النقاهة والصحة والعلاج. ومدينة القدية السياحية، وهي مشروع ترفيهي رياضي ثقافي. كما تعمل على تطوير المناطق السياحية التقليدية، كالطائف وأبها والباحة.
ومن هنا، شهدت السياحة المحلية في السعودية مراحل من التطوير حتى أصبحت قطاعا منظما مدعوما باللوائح والأنظمة والقوانين والمشاريع والبرامج المفتوحة.
وتعززت الصورة السعودية بعد إطلاق التأشيرة السياحية الإلكترونية لتسهيل إجراءات الزيارة وفتح أبوابها للعالم لجميع السياح وقاصدي الزيارة، نظير العوامل والمقومات التي تتمتع بها السعودية، في استقطاب السياح. ويظهر الاتجاه في تفعيل البلاد كوجهة سياحية، حيث تحظى بكثير من المواقع والمدن ذات المزايا التنافسية القيمة، من خلال تأهيل المواقع الأثرية والتاريخية والقرى والبلدات التراثية، وجعلها محل اهتمام على المستويين المحلي والدولي.
وفي إطار الجهود الهادفة إلى التطوير المستمر، بما يدعم المسار التصاعدي لرؤية المملكة، تأتي الإجراءات والتدابير الجديدة الخاصة بالقطاع السياحي، الذي يمثل في ظل الرؤية رافدا أساسيا للبناء الاقتصادي والتنموي المستمر عموما.
وهذه الإجراءات التي اتخذت أخيرا، تستهدف بالدرجة الأولى تطوير القطاع وتنميته، بما يتماشى بالطبع مع المستجدات الحاصلة في نطاق السياحة العالمية. كما تهدف أي إجراءات وقوانين جديدة، أو تلك الخاضعة للتجديد، إلى دعم البيئة السياحية، الأمر الذي يوفر مزيدا من الدعم والأدوات لجذب السياح القادمين من شتى بقاع الأرض إلى أرض المملكة. فالسعودية أظهرت أنها قادرة على دخول السوق السياحية على المستويين الإقليمي والعالمي، في فترة زمنية قصيرة، قلصت مدتها في الواقع مشاريع رؤية 2030.
نظام السياحة الجديدة، يأخذ في الحسبان حقوق الأطراف المعنية بهذه الصناعة كلها، ولا سيما السائح الذي يمثل المحور الرئيس في قطاع فتي في بلد يملك من المقومات السياحية كثيرا، كما يمكنه أن يقدم كثيرا أيضا على صعيد السياحة عموما، إذ حقوق السائح وتعويضه عن أي أضرار ربما تصيبه، مكفولة وفق القانون الجديد، وهذه النقطة مهمة للغاية، إن أرادت الجهات المختصة أن تمضي قدما في مسار متنام يستقطب بالفعل مزيدا من السياح والزائرين للبلاد. والعقوبات الواردة ضمن النظام الجديد، تتميز بالتدرج في إيقاع العقوبات على الجهات المخالفة، وكذلك الأمر على الأفراد. وهذه العقوبات تفرض مباشرة على كل من يخالف أحكام النظام الجديد، بما يضمن سلاسة مطلوبة لصناعة وطنية تنموية جديدة.
واللافت في النظام الجديد، أنه لا يشمل الجوانب الخاصة بالسائح والجهات التي توفر له الخدمات السياحية المطلوبة فقط، بل يشمل الأدوات القانونية المباشرة لحماية الوجهات والأماكن السياحية، التي تعد ركنا أساسا لسياحة مستدامة قائمة على احترام القواعد العامة. فحماية الأماكن التي تستقطب السياح عموما، ليست واجبا حكوميا فحسب، بل واجبا وطنيا على كل فرد يعيش على أرض السعودية. ولأن صناعة السياحة السعودية تشهد تطورا تلو الآخر في زمن قياسي حقا، كان لا بد من وضع قوانين تسهل إقامة المشاريع السياحية المحلية، بما في ذلك توفير تسهيلات للحصول على تراخيص للأنشطة التي تدخل ضمن هذا القطاع. فالاستثمار السياحي يمثل محورا رئيسا في رؤية المملكة 2030، لم يكن موجودا في الواقع قبلها. هذا التوسع، سيتيح تطوير واستحداث مواقع سياحية جديدة جاذبة في المرحلة المقبلة، وهذا ما يضمنه النظام السياحي الجديد في البلاد. ولا يتم ذلك بالطبع، دون توفير وتقديم مرشدين سياحيين متمكنين مرخصين من قبل الجهات المختصة، في سبيل إثراء تجربة السائح والزائر، وفي المملكة كوادر كثيرة في هذا المجال.
يحتاج النشاط السياحي، إلى مزيد من الدعم في هذا النطاق، لأن ذلك لا يثقف السائح ضمن المواقع والوجهات التي يزورها فقط، بل يبرز السعودية وجهة سياحية جاذبة، تقدم خيارات سياحية متعددة ومتنوعة، بما في ذلك المناسبات الكبرى التي تحدث بين الحين والآخر على أرض البلاد، ففي الأعوام الماضية، حققت البلاد بالفعل قفزات لافتة، نتيجة سلسلة من المشاريع الناجحة المعززة للمسار السياحي الوطني العام. ولا شك أن النظام السياحي الجديد، بإجراءاته وأدواته التطويرية، سيعزز مباشرة قاعدة البيانات الخاصة لهذا القطاع عموما، بما في ذلك تقديم الإحصاءات التي تخدمه في النهاية أو تدعم الحراك الخاص بتطويره بما يليق بإمكانات المملكة السياحية وغيرها.