Author

نمو زراعي بخطة اكتفاء

|

يشكل قطاع الزراعة في السعودية ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الوطني، ورافدا مهما من روافد الأمن الغذائي. وحرصت الدولة على إعادة النظر في استراتيجية التنمية الزراعية مع مراعاة أهمية الأمن الغذائي الوطني. وعملت الجهات المختصة على تطوير سياسات زراعية تسهم في دعم الإنتاج والعمليات الزراعية، كما اهتمت بالأبحاث المتعلقة بنقل التقنيات الزراعية التنافسية الصديقة للبيئة الموجهة وتوطينها وتطويرها لخدمة التنمية الزراعية المستدامة، ودعم الاقتصاد الزراعي السعودي للاستمرار في توفير مصادر غذائية متنوعة، كما أطلقت برنامج الأمن الغذائي عبر تقنيات الزراعة في المناطق الصحراوية، بهدف تطوير تقنيات زراعية تحقق أمنا غذائيا مستداما، وتنمية اقتصادية بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية والجامعات والشركات الزراعية. كما تم دعم القدرات الوطنية في مجال البحث لخدمة القطاع الزراعي.
ما تبنته الدولة من سياسات وبرامج تنموية عبر خطط التنمية الزراعية المتعاقبة الهادفة إلى تنمية القطاع الزراعي وتطويره كان لها الأثر الفاعل في تحفيز القطاع الخاص للاستثمار في الأنشطة الزراعية، ليتزايد عدد الأفراد والشركات العاملين في المجال الزراعي في مختلف الأنشطة المتعلقة بالإنتاج أو التصنيع أو التسويق للمنتجات الزراعية النباتية والحيوانية والسمكية. واستجابة للجهود والسياسات والبرامج المتنوعة التي وضعتها الدولة حقق القطاع الزراعي قفزات نوعية في مختلف المجالات، وتشير المؤشرات الاقتصادية إلى متانة هذا القطاع ودوره الرائد بصفته رافدا أساسيا للاقتصاد الوطني، ومن أهم مصادر تنويع الدخل القومي وداعما للأمن الغذائي.
ومن هذا المنطلق يسير القطاع الزراعي في المملكة جنبا إلى جنب مع بقية القطاعات الأخرى في تحقيق قفزات نوعية، وفي المساهمة الفعلية في الناتج المحلي الإجمالي، فضلا عن كونه قطاعا مهما في المدى الإقليمي. وكغيره من القطاعات أيضا، خصصت رؤية المملكة 2030 للزراعة مكانا بارزا، ليس فقط من الناحية الاقتصادية، لكن أيضا من جانب الأمن الغذائي، الذي تضعه القيادة في البلاد على رأس أولوياتها. وكلنا رأينا، كيف أثرت الحرب الجارية في أوكرانيا في إمدادات الغذاء منذ اندلاعها. وترفد السعودية بكل ما تملك من أدوات، قطاع الزراعة والغذاء عموما، على أن تتحقق الأهداف الخاصة بهذا الجانب في نطاق الأهداف التي ستتحقق أو تحققت على صعيد بقية القطاعات المحورية في البلاد. فالتسهيلات منتشرة، والمرونة التشريعية على الصعيد الزراعي متوافرة.
لهذه الأسباب وغيرها، حقق الناتج الزراعي خلال العام الماضي، ارتفاعا في حجم القطاع بلغ 7.8 في المائة، مسجلا أكثر من 72 مليار ريال، في حين حقق في 2020 الذي سبقه 67 مليار ريال. ويرى مختصون أن تماسك القطاع الزراعي السعودي في عز جائحة كورونا التي سيطرت على العام المشار إليه، يؤكد مجددا المسار الذي تمضي فيه السلطات المختصة من أجل جعل الزراعة أكثر استدامة، وأن تكون لها حصة متنامية من إجمالي الناتج المحلي، الذي وصل إلى نحو ثلاثة تريليونات ريال العام الماضي. وبإمكان المملكة أن تزيد من حجم قوتها الزراعية في المستقبل، إذا ما سارت الأمور وفق المنهج الموضوع لها، الأمر الذي سيخفف من وارداتها الزراعية على المديين المتوسط والبعيد.
ونلاحظ أن مساهمة القطاع الزراعي السعودي في الناتج المحلي الإجمالي في الوقت الراهن تبلغ 2.3 في المائة، وهي قابلة للارتفاع في الأعوام القليلة المقبلة، مع نمو واضح للقطاع برمته. واللافت أن مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي غير النفطي، تعد مرتفعة إذا سجلت 3.6 في المائة، ما يعزز التوجهات في هذا الميدان. ولأن الأمر كذلك، فقد حققت الزراعة أعلى ناتج لها في العام الماضي، رغم المؤثرات السلبية التي ظلت حاضرة بصورة أو أخرى، جراء الجائحة التي صبغت 2020 بالفيروس العالمي. والمملكة، لا تركز فقط على بناء قوي للاكتفاء الذاتي من الجانب الزراعي والإنتاج الغذائي عموما، بل تعمل أيضا على تمنية صادراتها المتصاعدة بالفعل وتحقيق مفهوم الاكتفاء الذاتي.
ووفق الأرقام الرسمية، فقد أسهمت علميات التصدير للمنتجات الزراعية من المملكة، في دعم قطاع الصادرات ككل، إذ بلغت الصادرات الزراعية في 2021 أكثر من 13 مليار ريال، بزيادة قدرها 415 مليون ريال عن 2020. وهذا يعد تطورا واعدا، لمزيد من الصادرات الزراعية المتنوعة في الأعوام القليلة المقبلة، خصوصا مع اتباع طرق وآليات متقدمة في هذا الميدان الحيوي، إلى جانب طبعا، العمل الذي لا حدود له من جانب الجهات المختصة، لجعل قطاع الزراعة محورا رئيسا محليا وعلى صعيد المنطقة كلها. ومرة أخرى، تمثل الأدوات التي توفرها رؤية المملكة 2030 لهذا القطاع قوة دفع متواصلة للوصول إلى الغايات المرجوة منه.
ورغم حداثة الاهتمام في الزراعة وتوابعها الإنتاجية، إلا أن المملكة تمكنت من الوقوف في المركز الثالث على صعيد الدول العربية في هذا المجال، بعد كل من مصر والجزائر. فحجم الناتج الزراعي السعودي يمثل 14 في المائة من الإنتاج الزراعي العربي. وهي نسبة مهمة، إذا ما قورنت بمستويات الإنتاج في دول أقدم تجربة وخبرة في الزراعة، مع ضرورة الإشارة، إلى أن المملكة تتقدم بخطوات كبيرة على غيرها من دول المنطقة في مجال الإنتاج الزراعي العضوي، الذي بات يشكل سوقا واسعة على الساحة العالمية ككل. فالتمويل الزراعي يتعاظم، بما في ذلك تخصيص ثلاثة مليارات ريال لتمويل مشاريع الاستزراع السمكي، والبيوت المحمية، ومشاريع الدواجن، وسلاسل الإمداد.

إنشرها