جارالله الحميد .. جار الحزن

يعطينا عالمنا المثقل بالمشاغل وديناميكية الحياة التي لا تتوقف مع سرعة مرور الأيام، دروسا عظيمة عندما يأتي الرحيل على غير عادته دون أن يطرق الأبواب أو يرسل رسائل تحذيرية كتلك التي تأتي مع أحوال الطقس!
رحل جارالله الحميد! ترجل عراب القصة القصيرة الحديثة الذي أطربنا وأمتعنا بقصصه منذ أن غرس أحزان عشبته البرية. سافر بلا أمتعة هكذا فجأة وبلا مقدمات ودون أن يمنحنا حتى تلويحة الوداع الأخيرة. رحل الذي منحنا روحه قبل صعودها، فقد كان موجها وملهما لجيل تخرج من مدرسة الحميد الإبداعية.
كان شاعرا قبل أن يكون قاصا وروائيا قبل أن يكون كاتبا للمقالات وناقدا سينمائيا قبل أن يكون مهتما بالمسرح. يظن البعض أنه عنيد وشرس في التعامل، لكنه يملك قلب طفل كالقطن في امتصاصه مشاعر الآخرين، وحساس لدرجة أن الدمعة تسبق حديثه.
ثم ماذا بعد كل ذلك؟ الجمل أعلاه كتبتها ومسحتها ثم كتبتها ووضعتها بلا قناعة وكأننا كنا ننتظر رحيله منذ أعوام حتى نكتب كلمات التأبين الجامدة! عاش الخذلان في آخر أعوام عمره وعانى الفقر والعوز وكأن ذلك مصير كل مبدع عندما تسوء حالته!
على يقين تام أن الأمير عبدالعزيز بن سعد أمير حائل ستكون له عدة وقفات كما هي عادته الكريمة مع أسرته، كما أن الأمير فيصل بن فهد نائب أمير حائل كانت له بصمات عطرة عندما زار الراحل في منزله قبل عامين، وبالأمس وجه بتسمية مكتبة نادي حائل باسمه، وليس لدي شك أن سيرة جارالله ستبقى عالقة باقية في أماكن حائل.
ارقد بسلام أبا تغريد فأنت الآن في رحاب العزيز الحكيم. أرقد وأنت آمن بلا قلق.. رحمك الله يا جارالله فقد عشت حزينا ورحلت أشد حزنا!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي