لا تفشلونا
رأيتها قبل خمسة أعوام عروسا تضج أنوثة وحيوية ومرحا ثم رأيتها قبل فترة قريبة بشكل مختلف تماما كانت قسمات وجهها متعبة والهالات السوداء تحيط بعينيها وفقدت كثيرا من وزنها، ظننت أنها مريضة فبادرتها بالاعتذار لتقصيري عن السؤال عنها في مرضها، بعض الكلمات اللطيفة أحيانا مثل إبرة الجراح التي تنكأ خراجا متورما مليئا بالصديد فتسبب له الألم لكن لربما كانت سببا في شفائه. كانت دموعها هي الإجابة التي جزمت بعدها أن أمورها ليست على ما يرام، أخبرتني أن حياتها الزوجية عبارة عن سلسلة لا تنتهي من المشكلات اليومية في البداية قام زوجها بالتضييق عليها في زياراتها لأهلها وصديقاتها ثم طلب منها ترك وظيفتها، ثم أصبح يمارس عليها الإيذاء النفسي من خلال عزلها عن الحياة الاجتماعية بشكل تام، وبعدها أصبح يقوم بإيذائها جسديا بشكل متواصل ما أوصلها إلى حد النفور منه والرغبة في الطلاق وكلما جاءت شاكية إلى والدتها قالت لها، "اصبري لا تفشلينا قدام الناس بالطلاق". طفلها يعيش معها حكاية الصراع اليومي، هذا المفهوم البغيض الذي يجبرنا على تحمل ما لا تتحمله إمكاناتنا البشرية فقط من أجل نظرة الناس هو مفهوم ظالم سيجبر من يقع تحت قوانينه على الانفجار فيما بعد، أو ارتكاب شيء من الحماقات بسبب الضغوط التي مورست عليه ككائن بشري يمتلك أحاسيس ومشاعر وكرامة تم العبث بها. العلاقة الزوجية إن لم يكن إطارها المودة والرحمة والاحترام فلا خير فيها، هي ليست صراع ديكة ولا ساحة قتال البقاء فيها للأقوى. تذكرت قصة أحد الأزواج وهو يشتكي لمقدم أحد البرامج التلفزيونية بأن زوجته من تدفعه إلى الخيانة بسبب انشغالها بأهلها وصديقاتها عنه والتذمر منه حين يطالبها بحقوقه الزوجية، ومن باب الإنصاف فكما أن هناك زوجات يعانين فهناك أزواج أيضا يعانون مرارة العيش مع زوجات لا يشعرون معهن بالسعادة، بل يختنقون لمجرد شعورهم أنهن موجودات في حياتهم، لكن لاعتبارات عائلية واجتماعية يتحملون من أجل المفهوم السابق نفسه، الأمر ليس دعوة للطلاق، بل للتمهل كثيرا عند الاختيار وعدم الانبهار بالجمال والمظهر الخارجي والشكليات الثانوية، لو كانت الخسارة تقتصر على الزوجين فقط لهان الأمر، لكن الكارثة أن هناك أطفالا لا ذنب لهم سيدفعون الثمن فادحا.
وخزة
يقول أحمد خالد توفيق، "كل اختيار مهما صغر يمكن أن يضعنا في كون آخر مختلف تماما".
"تمهلوا وفكروا واسألوا عن كل صغيرة وكبيرة وراجعوا اختياراتكم كثيرا عند اختيار الطرف الآخر حتى لا تضطروا لتحمل ما لا يحتمل"