الاقتصاد ونظام التمويل الوطني

التاريخ الاقتصادي السعودي بعد 2015 أضاف منهجية جديدة لم تكن معروفة سابقا، حيث رفع اللياقة التنفيذية في الأجهزة العامة من خلال إعادة هيكلة ما يحتاج إلى هيكلية وفق القاعدة المشهورة لدى الاستراتيجيين "الهيكل التنظيمي يتبع الاستراتيجية" وليس العكس كما كان معمولا سابقا. وبالفعل، تحولت جميع أجهزة الدولة للأفضل وتغيرت النماذج لخدمة الاستراتيجية الوطنية والمعروفة بـ"رؤية 2030"، إضافة إلى تفعيل مؤشرات الأداء للأجهزة العامة وتحسن ترتيب المملكة في المؤشرات العالمية المختلفة عبر إصلاح وتطوير كل ما يؤدي إلى تقدم الترتيب العالمي للمملكة، وكان لهذه المنهجيات دور حيوي في معالجة مشكلات ضعف الكفاءة التنفيذية والمشكلات الواقعة في الظل التنفيذي، كما تم ربط الميزانية العامة بالخطة الاستراتيجية لرؤية 2030، وفي الوقت نفسه كان هناك برنامج موازٍ لردم الفجوات وتحسين الأسس وتمتين البنية التحتية والممكنات بمفهومها الشمولي والمعروف ببرنامج التحول الوطني، إضافة إلى ربط الديون العامة بالخطة الاستراتيجية طويلة المدى وأسست أجهزة تتابع الأداء وأي سلبيات على الاقتصاد ومحاربة الفساد ورفع مستويات الحوكمة والاستدامة والرقابة اللاحقة.
في واقع الحال، وبعد تحليل المبادرات ومنهجية العمل المتبعة في رؤية 2030، سنلاحظ أن جميع المبادرات تندرج بشكل أو بآخر ضمن نظام اقتصادي متعدد المستويات يمكن حصرها في سبعة مستويات: مستوى صناعي أو مستوى حضري أو مستوى اقتصاد المناطق أو مستوى اقتصاد الأرياف أو مستوى اقتصاد الملكية المشتركة بين الدولة والقطاع الخاص أو مستوى استثمارات شركات الدولة، إضافة إلى الاستثمار الأجنبي الذي يشكل المستوى السابع من مستويات النظام الاقتصادي.
من جانب آخر، إذا ركزنا النظر في برنامج التطوير المالي، فسنرى أننا نجحنا في جعل النظام التمويلي العام متعدد المستويات، أي أننا أمام نظام اقتصادي متعدد المستويات ونظام تمويلي متعدد المستويات يتكون من نظام تمويل تقليدي تابع للبنوك الرسمية وآخر تابع لمؤسسات مالية غير مصرفية NBFCs ومستويات أخرى غير تقليدية لم تكن سائدة بين رواد الأعمال، مثل التمويل الاستثماري القائم على مبدأ المشاركة، كصناديق رأس المال الجريء والاستثمار الملائكي ومنصات التمويل الجماعي وشركات التقنية المالية التي تقدم منتجات تمويل واستثمار، إضافة إلى التمويل التنموي التابع لصندوق التنمية الوطني، الذي يضم ثلاثة بنوك وثمانية صناديق في مجالات الصناعة والتصدير والتجارة الخارجية والزراعة والسياحة والمشاريع المهنية ومتناهية الصغر وبرامج تمويل تابعة لمؤسسات خيرية.
خلاصة القول: يمكننا أن نستخلص أمرين أساسيين: الأول، إننا في طريق الخروج تدريجيا من مسار الرعاية عبر التمويل التجاري والميسر والتنموي على جميع المستويات، لأن تكامل التمويل والائتمان مع نظام اقتصادي متعدد المستويات يسهم في نقل عبء النمو الاقتصادي إلى القطاع العائلي والشركات الخاصة والمساهمة وشركات الدولة. الأمر الآخر، نجحنا في بناء نظام اقتصادي متعدد المستويات ونظام تمويلي متعدد المستويات لتمويل الأفراد والكيانات الاقتصادية مهما كان حجمها أو مخاطرها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي