Author

التصدي لغش السيارات المستعملة

|
ضغط تراجع إنتاج السيارات العالمي، وتعافي الطلب المدعوم بالتحفيز الحكومي، على أسعار السيارات الجديدة. وتؤكد بيانات التضخم العالمية حدوث قفزات في أسعار السيارات الجديدة والمستخدمة على حد سواء. وقادت الفجوة بين الطلب على السيارات الجديدة وعرضها، إلى خفض وفرتها ورفع أسعارها فوق قدرة أعداد متزايدة من المستهلكين، ما أجبرهم على اللجوء إلى أسواق السيارات المستعملة. أما بالنسبة لأسواق المملكة، فقد شهدت هي الأخرى زيادات معتبرة لأسعار السيارات الجديدة والمستعملة.
ويحاول بعض الوكلاء والموزعين تحقيق مكاسب إضافية مبالغ فيها، لكن تكثيف جهود الرقابة التي قامت بها الجهات المسؤولة أخيرا خفف بعض الشيء من جشعهم. أما تجارة السيارات المستعملة، فتعاني ممارسات غش على نطاق أوسع بكثير من تجارة السيارات الجديدة، حيث تتصف السوق المحلية بدرجة معينة من الفوضى بسبب اقتحامها من قبل الوسطاء الأفراد "الشريطية". ويمكن لأي شخص مواطن أو أجنبي أن يصبح شريطيا من دون أي ترخيص أو مساءلة. وتمارس نسبة كبيرة من وسطاء السيارات المستعملة سواء معارض السيارات أو الشريطية أساليب ملتوية، وعمليات غش، وإخفاء عيوب السيارات المستخدمة وحوادثها ومعلوماتها، وتعظيم الاستفادة من فجوة المعلومات لدى المستهلك، ويجتهد كثير من الوسطاء في إخفاء العيوب والتدليس والكذب واليمين الغموس أثناء البيع والتضخيم منها أثناء الشراء. وقد يلجأ عديد منهم إلى النجش أو المزايدة الكاذبة على السيارات أو الاتفاق والتكتل على خفض السعر في حالة الشراء ورفعه عند البيع.
انتقلت ممارسات الغش إيضا إلى مواقع التجارة الإلكترونية حيث يمكن ملاحظة المزايدة الكبيرة على أسعار السيارات وتعمد رفع السعر من قبل تكتلات مضاربي السيارات. وتوجه تهم حتى لعدد من المعارض بالتوافق مع الشريطية لتدليس الأسعار أو البضاعة. وقد يعمد بعضهم إلى وضع إعلانات وهمية في المواقع الإلكترونية من دون وجود سيارات فعلية، وذلك في محاولة للنصب الإلكتروني. وذكر أحد الأشخاص أنه قدم من جدة إلى الرياض لمعاينة سيارة بعد الاتفاق على سعرها مع البائع، لكن البائع اختفى. ويلاحظ في المواقع الإلكترونية لتبادل السيارات تكرار صور سيارات، كما يعمد معظم المعلنين إلى طمس بيانات اللوحات. وهذه ممارسة غش واضحة وإخفاء معلومات، وربما عرض صور سيارات غير المقصود بيعها. وهنا ينبغي الحذر من إجراء أي تحويلات مالية قبل معاينة السيارة وإتمام إجراءات نقل الملكية.
يستخدم تجار السيارات عبارات ومسميات وشفرات خاصة بهم قد يجهلها كثير من عامة الناس. فترى في الإعلانات مثلا أو في لغة بائعي السيارات كلمات مثل رش أو حزام أو أي كلمات أخرى ترمز لشيء سيئ كصدمة أو حادث شنيع أو خلل ميكانيكي رئيس قد يكون معيبا للسيارة. لهذا لا بد من الاستعانة بأهل الخبرة لمساعدة المشتري على تجنب الأسوأ. وازداد أخيرا عدد زبائن السيارات من النساء، ويحاول بعض وسطاء السيارات استغلال قلة خبرتهن بالمبالغة في الأسعار وإخفاء العيوب والمعلومات.
يعد التلاعب بعدادات المسافات من أبرز عمليات الغش الممارسة في السوق المحلية من قبل الشريطية والمعارض على حد سواء. ويجتهد وسطاء السيارات أيضا في إخفاء آثار الحوادث والعيوب الميكانيكية والكهربائية في السيارات أو التقليل من شأنها. وحد ظهور خدمة "موجز" من فجوة المعلومات التاريخية حول السيارات المستعملة، ولكن كثيرين من المستهلكين يجهلونها. وتوفر هذه الخدمة تقارير موثقة عبر الإنترنت عن الحوادث التي تعرضت لها السيارة، وعدد الملاك، ومراحل الصيانة لدى الوكالات، وعدد الكيلومترات المقطوعة مقابل رسم مالي معين. ويمكن التقليل أيضا من عمليات الغش في جسم السيارة وميكانيكيتها بعرضها على مراكز فحص متخصصة وموثوقة.
خلاصة القول إن وسطاء السيارات يمارسون استغلالا واضحا لعدم تماثل المعلومات بينهم وبين العملاء بخصوص السيارات المتبادلة، التي تتعقد وتتكاثر مع مرور الوقت. وتتعاظم فجوة المعلومات حول السيارات المستعملة، حيث تدخل فيها معلومات كيفية الاستخدام والصيانة ونوعية المستخدمين والحوادث. ويعمد كثير من الوسطاء، إن لم يكن أغلبهم، إلى استغلال هذه الفجوة أو طمس المعلومات وتغييرها لتحقيق مكاسب غير مشروعة. وللحد من الاستغلال غير المشروع لعدم تماثل المعلومات في السوق ينبغي وضع المتطلبات القانونية التي توفر أكبر قدر من المعلومات والحماية للمستهلكين. ويمكن الحصول على بعض المعلومات حاليا من خلال اشتراط توفير تقارير "موجز" وتقارير فحص السيارات لإتمام نقل ملكية السيارات. كما ينبغي العمل على توفير أكبر قدر من المعلومات عن السيارات المستخدمة من خلال اشتراط إدخال ورش السيارات ومحال تغيير الزيت بعض المعلومات عن السيارات كقراءة عداد المسافات، في منصات عامة. كما أن بإمكانية خدمة موجز التوسع بتوفير المعلومات عن السيارات المستخدمة، كتحديد نوعية ملاك السيارة، وإذا ما كانوا أفرادا أم شركات تأجير أو أجرة. وينبغي تفعيل أقوى لأنظمة الغش التجاري في تجارة السيارات وتحميل الوسطاء ومراكز الفحص المسؤولية القانونية لأي غش أو إخفاء للمعلومات حول السيارات المبيعة. ولا بد أيضا من العمل على زيادة مستويات المنافسة من خلال زيادة تراخيص محال ومراكز بيع السيارات والتخفيف قدر الإمكان من قيود الاستيراد.
إنشرها