المقاطعة والحقوق الثلاثة

يميل الناس إلى اعتبار أنفسهم طبقة متوسطة، لكن الدراسات الاجتماعية والاقتصادية تشير إلى أن كل طبقة لها أنماط حياة وقدرات ومخاوف لا تشبه الأخرى، ودون أن يكونوا على وعي بذلك، لذا نرى مواقفهم تتباين في كل شيء بما في ذلك الاستهلاك والمقاطعة. لذا تأطير حقوق المستهلكين والشركات والمنظم الرسمي يحقق نموا للأسواق الداخلية، ودون أن نقع في فخ أي علاقات ضارة بين القطاع العائلي والشركات، بما في ذلك تجنب أي ممارسات تؤدي إلى ضعف إنفاق الأسرة بسبب أي أسعار مفرطة أو استباقية أو انتهازية لا تعكس مبررات كافية اقتصاديا، سوى رغبات مديري التسويق في مضاعفة أرباحهم وقد يتخطى تسعيرهم شركات مماثلة في دول أخرى تتمتع بالخصائص الاقتصادية نفسها. هنا يأتي دورنا كاقتصاديين، وهو توضيح العلاقات من منظور اقتصادي للمحافظة على توازن الأسواق والاستهلاك بطريقة مستدامة، وهي ثلاثة حقوق أساسية:
أولا: من حق الشركات أن تسعر كما تشاء لمنتجاتها وخدماتها، لأن التسعير المناسب ليس إلا دليلا على علاقة مستدامة بين الشركة وعملائها من خلال تبادل تياري النقود والسلع والخدمات بطريقة تشبع رغبات العملاء وتضمن نمو الشركات، والتسعير بطبيعته يخضع لعوامل التكلفة وخصائص القطاع وحرية الأسواق التي تحث على عدم التدخل إلى أقصى حد تسمح به مستويات نضج النموذج الاقتصادي المحلي وكفاءة الأسواق الداخلية وسلامتها تنظيميا مع توافر عدد متنافسين ملائم وكاف في كل قطاع وفق منهجية ميكانيكية الأسواق، أي: تدافع قوى العرض والطلب في نطاق السياسات النقدية والمالية العامة.
ثانيا: من حق المستهلكين مقاطعة شراء ما يؤثر في معيشتهم، كما أن لهم الحق في الوصول إلى مجموعة واسعة من السلع والخدمات بأسعار تنافسية وعدد مقبول من المتنافسين، والتأكد من الجودة والخدمة المرضية وبسعر عادل والاستمتاع بالسلع والخدمات نظير ما يدفعونه، ولهم حق المشاركة في اللجان التي تشكلها الجهات الحكومية فيما يخص الجوانب الاستهلاكية والالتماس والإنصاف ضد ممارسات الشركات، وكلها حقوق مماثلة اقتصاديا لما تقوم به الشركات أمام هيئات المنافسة ضد بعضها، ومن حقوقهم أيضا: اكتساب الوعي مدى الحياة في المنتجات المالية والسلع والخدمات، لأن ذلك يحد من وقوعهم في أساليب بيع عالية الضغط أو الاحتيال ويمنع استغلال جهلهم أو الإضرار بمصالحهم طويلة الأجل، ولا سيما فيما يؤثر في استقرار الطبقة المتوسطة الحقيقية.
ثالثا: من حق المنظم الحكومي والجهات ذات العلاقة بالتجارة والمنافسة والسياسات الاقتصادية، التدخل وزيادة عدد المتنافسين بالتحفيز الاقتصادي أولا، ثم بالسياسات التنظيمية ومنع الاحتكار، وملاحقة أي ممارسات تؤدي إلى فشل الأسواق Market Failure، ومنع أي توجيه خفي خارج ديناميكية الأسواق الطبيعية، لأنها تحفز على التضخم وتآكل مداخيل الأسرة وترفع التكاليف الاقتصادية على الحكومة والشركات الجديدة، ثم إن فائض الأموال الناتج عن الممارسات الانتهازية والاحتكارية وقلة المنافسة تشوه الأسواق. في نهاية المطاف يظل المنظمون الحكوميون ضامنين لجودة الحقوق الثلاثة جميعا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي