تسوية من أجل الانتصار وتحقيق السلام «1من 2»
لقد أثار مقال للفيلسوف يورجن هابرماس أحد أكثر النقاشات السياسية شراسة منذ عقود حول المسألة المتعلقة بالموقف الألماني من الحرب الروسية ــ الأوكرانية الآخذة في الاتساع. لقد تلقى المستشار الألماني كثيرا من الرسائل المفتوحة التي تم توقيع كل واحدة منها من قبل المئات من الشخصيات العامة البارزة. لقد اتخذ البعض موقفا متشددا ودعوا إلى مشاركة أكثر قوة وفاعلية بالنيابة عن أوكرانيا، بينما دعا آخرون من الحمائم إلى التوصل إلى تسوية تجعل روسيا تحقق نوعا من الانتصار ما سيجنب أوروبا صراعا مطولا مع اتساع رقعته.
إن ألمانيا كدولة سلمية إلى حد كبير غير معتادة على الافتراضات والخطوط الحمراء والأسئلة المزعجة التي تنطوي عليها مثل تلك المناقشات كما لا تشعر بالراحة تجاهها. لقد أصبحت قضايا الأمن القومي الأوروبي التي تم تجاهلها منذ فترة طويلة وبشكل مفاجئ في قلب الأحداث، وقارن هابرماس في المقال الذي أطلق تلك النقاشات بين الاستجابة الفورية للطبقة السياسية ووسائل الإعلام في ألمانيا فيما يتعلق بالحرب الروسية - الأوكرانية وبين استجابة الجماهير الأكثر حيرة والأقل ثقة. إن الألمان منقسمون بشدة حول قرار البرلمان الألماني تسليم أسلحة ثقيلة إلى أوكرانيا وحول مسألة ما إذا كانت العقوبات الحالية كافية.
إن عدم وجود توافق يضع شولتز أمام عديد من المعضلات ففي واقع الأمر كان حزبه "الديمقراطي الاجتماعي" هو الحزب الذي تبنى منذ فترة طويلة سياسة التواصل البناء مع الاتحاد السوفياتي ومن ثم روسيا "أوستبوليتيك" وهو النهج الذي مع الأسف أدى إلى أن يصبح المستشار السابق لألمانيا من الحزب الديمقراطي الاجتماعي جيرهارد شرويدر من الأشخاص الداعمين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لقد أقر هابرماس بأن خمسة عقود من الأوستبوليتيك قد تركت إرثا صعبا حيث دافع عن شولتز ضد الاتهام الموجه له بأنه كان حذرا جدا في مواجهة بوتين.
هل يحاول المستشار الجديد تقليد سلفه أنجيلا ميركل من خلال محاولة الإمساك بالعصا من المنتصف؟ يجادل هابرماس أن الإجابة هي لا، فإن شولتز محق في تبنيه نهجا متوازن ومحسوب:
"إن مطالب أوكرانيا البريئة والمضطهدة التي تحول بسرعة الأحكام السياسية والقرارات الخاطئة للحكومات الفيدرالية السابقة إلى ابتزاز أخلاقي هي مفهومة تماما مثل المشاعر والتعاطف والحاجة إلى المساعدة. ومع ذلك فإنني منزعج من الثقة الزائدة بالنفس للساخطين أخلاقيا في ألمانيا الذين يوجهون الاتهامات وينتقدون حكومة فيدرالية حصيفة وحريصة".
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكت، 2022.