Author

القرآن العظيم

|
نودع رمضان وفيه ليلة القدر، وهي خير من ألف شهر، وقد حاضر كثيرون عن أجرها وفضلها. ما أريد أن أتناوله هنا هو الفرق النفسي والاجتماعي الذي عاشه الناس في رمضان، وتضاعف مع اقتراب نهاية الشهر.
التوجه العام نحو تغيير المواعيد وأساليب الحياة والممارسات، يعطي مثالا مهما لقدرة الفرد على التأقلم مع أنماط حياتية جديدة، ما يدفع نحو التخلص من واحدة من أكبر العقد التي يعيشها الفرد وهي التعود ومقاومة التغيير. في كثير من الأدبيات العالمية امتداح للتغيير بحكم كشفه عن مزايا وقدرات مختلفة في تركيبة وتفكير الناس. واحدة من أهم فوائد التغيير المستمر في أنماط الحياة وممارسات الشخص، التخلص من إحدى أهم مشكلات العصر وهي النسيان المفرط الذي يتحول مع تقدم العمر ليكون أداة لتحطيم علاقات المسن وفقدانه أهم مكونات سعادته، وهي علاقته بربه وأسرته ومجتمعه.
يرى الباحثون في استمرار التغيير في حياة الفرد واعتماد أنماط ومواقع وحركات مختلفة حتى في مكان السكن ووضع الأشياء البسيطة كالمفاتيح والمستلزمات الشخصية، ما ينمي القدرة الذاتية على التذكر والعودة باستمرار إلى الذاكرة لتنشيطها آليا. ومن هنا نستطيع أن نبدأ في عنصر مهم آخر، وهو دعم ملكة الحفظ، وهذا من فوائد ارتباط الناس بالقرآن في رمضان وغيره من الشهور.
المبدأ المعتمد على تغيير الأنماط والسلوكيات يمكن أن يدعم من خلال البدء بحفظ مزيد من القرآن الكريم، وهذا مهيأ طول العام، لكنه في رمضان أكثر قربا من التحقيق. أذكر أنني قرأت في آثار كثيرة أن حافظي القرآن الكريم لا يقعون ضحية مرض "ألزهايمر"، الذي يسيطر على مرحلة الشيخوخة في أغلب دول العالم.
حفظ القرآن، كوسيلة للتقرب إلى الله والبحث عن الحسنات، أمر مهم في حياة الإنسان، لكنه ـ مثل كل ما يحثنا عليه الدين الحنيف ـ له أبعاد مهمة أخرى في حياتنا الدنيوية. لنا أن نراجع كثيرا من الآيات التي تدل على ذلك، ففيه تفريج الهموم، وتحقيق السكينة للنفس البشرية، وتعلم الأحكام وأنباء السابقين واللاحقين، إضافة إلى ميزة كونه علاجا للأمراض سواء بالرقية الشرعية أو حماية ذاكرة وعقل الإنسان. قال تعالى: "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين".
إنشرها