وصايا للتقبيل
لا شك أن الخبرات والممارسات التي مر بها البشر قادرة على تقديم خلاصة التجربة ونتائج المحصول. هذه دائما تأتي على شكل حكم أو نصائح تمرر إلى الأجيال التي تأتي من بعدهم، مع العلم أنه ليس كل تجربة جديرة بأن تكون نموذجا أو رسالة للآخرين، والسؤال المهم: هل هذه التجارب مرتبطة بالعمر؟
قيل قديما «أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة»، وهذه المقولة قد تكون صحيحة قبل الثورة المعلوماتية وعالم التقنية، بل ربما وضعت هذه الجملة على الرف في دولاب الماضي يستخدمها من يريد أن يستقوي أو يفرض رأيا بحجة عامل العمر. فالحوار الذي يتم بين شاب في منتصف العقد الثاني مع شخص في منتصف الـ50 حول التجارب السابقة، قد لا يكون مطمعا ملهما لذلك الفتى، لأن الوقت تغير والأدوات تجددت.
هذا يؤكد أن الثقافة القديمة التي كانت تعتمد اعتمادا كليا على تجارب الآخرين كمدرسة ونموذج إداري وأسلوب حياة بدأت تتغير، خصوصا أن المعلومة متوافرة في ظل وجود "العم جوجل"، وبالتالي شاهدنا كيف انقلبت الآية، وأصبح "أصغر منك بيوم أعلم منك بسنة"، فمثلا لو قرأ أحدهم كتاب "حياة في الإدارة" للراحل المبدع غازي القصيبي، وحاول تطبيق الجولات المفاجئة عندما كان وزيرا للصحة بالأسلوب نفسه لفشل فشلا ذريعا، لكنه قد ينجح إذا أخذ الفكرة وغيّر الأدوات.
لتجارب الآخرين مكانة وتقدير وقليل منها قابلة للتطبيق بالطريقة نفسها، وهذا هو حجر الزاوية. أصبح الجيل الجديد ينظر إلى تلك الوصايا بأنها كلاسيكية لا تتناغم مع الوضع الراهن الذي يعتمد على التقنية والسرعة والفاعلية. بالمختصر، من النادر أن تمتد وصايا وتجارب الآخرين في مختلف الحقول لكل الفئات، وقد لا نستغرب أن نجد من وفرة الوصايا أنها للتقبيل!