default Author

الجائحة والاستثمار في التعليم «2 من 2»

|
يتم التعلم من بعد في الأساس من خلال الهواتف المحمولة، لكن هناك مسحا أجرته منظمة براثام غير الحكومية في عام 2021، مسح التقرير السنوي عن حالة التعليم، يوضح أن 68 في المائة فقط من الأسر التي لديها أطفال في سن المدرسة الابتدائية في المناطق الريفية تمتلك هواتف ذكية. ومن بين هؤلاء، ربع الطلاب فقط يستخدمون هذه الهواتف، لذلك لم يحصلوا على أي تعليم لمدة عامين تقريبا.
بغض النظر عن النفاذ الرقمي، كانت جودة التعلم متدنية. وبالنسبة إلى الهند، يقدم مسح التقرير السنوي عن حالة التعليم التقييم المقارن الوحيد لمستويات التعلم قبل وأثناء الجائحة في مناطق ريفية مختارة. ففي ولاية تشاتيسغار، التي أعادت فتح المدارس في آب (أغسطس) 2021، توصل المسح إلى أن قدرة طلاب المستويين الثالث والخامس على قراءة كتاب مدرسي مقرر على طلاب المستوى الثاني من مرحلة التعليم الأساسي قد تراجعت بأكثر من 15 نقطة مئوية. وفي ولاية كارناتاکا الريفية، كان مستوى 19.2 في المائة من طلاب المستوى الثالث في عام 2018 يتناسب مع مستوى الصف الدراسي "أي تمكنوا من قراءة كتاب مدرسي مقرر على طلاب المستوى الثاني". وانخفضت هذه النسبة إلى 9.8 في المائة عام 2020. وهناك خسائر مماثلة في القدرة على إجراء العمليات الحسابية الأساسية. ففي عام 2020، تمكن 17.3 في المائة فقط من الطلاب من إجراء عملية طرح بسيطة، مقابل 26.3 في المائة في عام 2018.
ولا يقتصر الأمر على الهند. فوفقا لتقديرات بنك التنمية الآسيوي، فقد الطلاب في جنوب آسيا، حيث شهدت المدارس أطول فترات الإغلاق، نحو 0.55 سنة دراسية معدلة لمراعاة مستوى التعلم في نيسان (أبريل) 2021. أما في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث ظلت معظم المدارس مفتوحة، لم يفقد الطلاب سوى 0.08 سنة دراسية معدلة لمراعاة مستوى التعلم.
وتؤدي خسائر التعلم إلى إلحاق أضرار كبيرة بالإنتاجية مدى الحياة. وقامت دراسة Andrabi، Daniels، and Das ـ 2020 ببحث تأثير فقدان 14 أسبوعا دراسيا في الطلاب الباكستانيين بعد زلزال عام 2005. وتشير تقديرات الدراسة إلى أن نقص التعلم بين هؤلاء الأطفال قد يؤدي إلى خسائر في الدخل مدى الحياة 15 في المائة. ولنتأمل الآن ما سيترتب على إغلاق المدارس لمدة عامين تقريبا ومحدودية التعلم من بعد. ووفقا لتقديرات بنك التنمية الآسيوي، فإن خسائر الإنتاجية في المستقبل وخسائر الدخل مدى الحياة للطلاب المتضررين يمكن أن تصل إلى 1.25 تريليون دولار في آسيا النامية، أي ما يعادل 5.4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للمنطقة في عام 2020.
الآن، وبعد مرور عامين على انتشار الجائحة، ومع انحسار الموجة الثالثة، فحتى البلدان المتشددة، مثل الهند، تتخذ خطوات لإعادة فتح المدارس. لكن المدارس لا تفتح أبوابها للعمل كالمعتاد. وتتيح إعادة فتح المدارس الفرصة لتعويض خسائر التعلم في هذين العامين وإصلاح الأضرار طويلة الأجل. وسيتطلب ذلك موارد مالية كبيرة لتوفير الفصول الدراسية المادية، والمواد التعليمية، وبالقطع المدرسين.
وسيتطلب تعويض النقص في التعلم أكثر من ذلك بكثير. فمنذ وقت طويل، كانت الفصول الدراسية في أجزاء كثيرة من العالم ضحية لمبادئ وطرق التدريس التي تركز على إكمال المقررات الدراسية ومعايير المناهج الدراسية، بدلا من التركيز على ما يعرفه الأطفال. كذلك فإن إغلاق المدارس مدة عامين جعل المنهج الدراسي، بشكله الحالي، في غير محله. ولعلاج خسائر التعلم، يتعين على النظم المدرسية العودة إلى الأسس "الإلمام الأساسي بالقراءة والكتابة والحساب"، والسماح بربط الأطفال مجددا بالتعليم المدرسي لتعويض ما فاتهم. وهذا يعني الاستثمار في قياس خسائر التعلم وإعطاء الأطفال دروس تقوية قبل أن ينتقلوا إلى الصف الدراسي التالي ويدخلوا السباق مجددا لإكمال المقرر الدراسي.
كل هذا يتطلب موارد مالية. لكن مطالب الإنفاق أصبحت ضرورية في وقت تتطلع فيه البلدان إلى تقليص إجراءات تنشيط الإنفاق المرتبط بالجائحة وإعادة فرض الانضباط المالي. فالهند، على سبيل المثال، التي أعلنت في الأول من شباط (فبراير) موازنتها للسنة المالية 2022 / 2023، تعتزم تخفيض الإنفاق العام 2.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في السنة المالية الجديدة مقارنة بالسنة المالية 2020 / 2021. ووقعت موازنات التعليم، التي تم تخفيضها في ذروة الجائحة، ضحية أهداف عجز المالية العامة، ولم تتم زيادتها. ونظرا للتكاليف الاقتصادية طويلة الأجل الناجمة عن إغلاق المدارس، فإن هذا الإحجام عن الإنفاق على التعليم يدل على قصر نظر. فهناك حاجة ماسة للاستثمار في التعليم. وما لم يتم ذلك، فإن تكاليف جائحة كوفيد ـ 19 سيستمر أثرها لفترة طويلة في المستقبل.
إنشرها