الدراسة في رمضان

قبل ثلاثة أيام، حل علينا رمضان المبارك، شهر الخير والعطاء والإنتاجية والروحانية، ولأنه هذا العام يشهد دراسة الطلاب والطالبات فقد كانت المطالبات والأمنيات تتلاحق لعله يصدر قرار بأن تكون الدراسة عن بعد رحمة وشفقة بالطلاب والمعلمين والمعلمات من مشقة مكابدة التعليم في نهار رمضان. هذا الإيحاء النفسي الذي يمارسه البعض ليرسخ مفهوم صعوبة العمل والإنتاجية في رمضان، إنما هو إيحاء مغلوط وفاشل في الوقت نفسه، ولو طبقناه على سائر القطاعات الأخرى لتوقفت عجلة التقدم والنمو الاقتصادي وتعثرت كثير من الخطط التنموية، تخيلوا لو أن الأطباء والممرضين طالبوا أن يكون عملهم عن بعد تحت ذريعة مشقة العمل في نهار رمضان، ثم تخيلوا موظفي البنوك يطالبون بالعمل عن بعد، وكذلك رجال المرور في الميدان وقيسوا على ذلك باقي القطاعات الخاصة والحكومية والعسكرية، لماذا يمارس البعض الضغط الإعلامي في وسائل التواصل الاجتماعي للمطالبة بقرار الدراسة عن بعد؟ رغم أنه من الأولى دعم قرار وزارة التعليم بضرورة ترسيخ مفهوم الإنتاجية وتحمل المشاق في طلب العلم ومجابهة الصعاب، لا نريد أجيالا هشة لا ترغب بالدراسة في رمضان إلا في المواسم الربيعية والشتوية. هذا الإسلوب الذي يمارسه البعض في تضخيم صعوبة الأمر وإشعار الطلاب والطالبات أن كارثة أكبر من طاقتهم تنتظرهم هذا الأسبوع، غير مقبول، كما أن القلق الذي ينتاب بعض الأهالي من هذه التجربة ربما يتسبب بنوع من المخاوف السلبية في نفوس الأبناء وإشعارهم بالتضجر والتذمر والتثبيط وعدم قدرتهم على تخطي التجربة، وبالتالي ستزداد حالات الغياب غير المبررة.
 أذكر في 1428 آخر عام للدراسة في رمضان وما قبله كانت الأمور تسير بشكل جميل ولا تختلف الدراسة فيه عن غيره، وبحكم تجربتي كمعلمة لم يكن الأمر مرعبا كما يحاول البعض تصويره، فتوقفوا عن بث روح التذمر وتضخيم الأمور وترويع أبنائنا وبناتنا، وكأنهم سيذهبون لسجون تعذيب لا إلى مدارس، أخبروهم أن معلم البشرية عليه الصلاة والسلام خاض بنفسه معركة بدر وهي أهم معركة في تاريخ الإسلام في رمضان للعام الثاني من الهجرة، كما أن فتح مكة الذي كان فيه الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام قائدا للجيش كان في رمضان للعام الثامن من الهجرة، علموهم أن رمضان عمل وعبادة، علموهم كيف يكونوا أقوياء واثقين في أنفسهم تحت كل الظروف.

وخزة:
حين يتعالى صوت المرجفون، فاعلموا أنكم في الطريق الصحيح.