ما وراء زينة رمضان

الزينة والتزين من أبرز مظاهر الفرح والاحتفال، فمن أحق وأولى بتلك الفرحة من رمضان المبارك الذي يحيي المسلمون ليله بالصلاة والدعاء، ويصومون نهاره امتثالا لأمر الله وطلبا لرحمته ومغفرته في أيام معدودات. برزت ظاهرة جميلة قد تكون جديدة نسبيا على مجتمعنا، لكنها تعد عادة وطقسا من طقوس رمضان في أغلب الدول العربية والإسلامية، حيث تزين الشوارع والمساجد وتعلق الأضواء، وتتحول الشوارع والميادين والحارات إلى بلورات من نور موشحة بالأقمشة والتعليقات الخيمية.
ويتساءل كثير من الناس عن أصل هذه الزينة وحكاية فوانيس رمضان ومتى بدأت وما سر القماش الأحمر والأزرق المزين برسومات أصبحت مع الوقت مرتبطة ارتباطا وثيقا برمضان؟.
يقال إن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حين شرع بصلاة التراويح، أمر بإنارة المساجد وتزيينها بالقناديل بدءا من أول أيام رمضان، حتى يتمكن المسلمون من أداء صلاتهم وإحياء شعائرهم الدينية، وأيضا حتى تستقبل المساجد الشهر الكريم وهي في أبهى حللها، وكان ذلك هو الشكل الأولي لزينة رمضان وكانت الأضواء عبارة عن أوعية يوضع فيها الزيت ولها فتيل يشتعل بالنار، وبالتدريج تطورت حتى ظهرت القناديل والفوانيس البلورية المزخرفة وصولا إلى الكهرباء.
ويذكر المؤرخون أن الاحتفال برمضان بدأ منذ بداية القرن الخامس الهجري أي فترة تأسيس الدولة الطولونية التي أبرزت عديدا من المظاهر مثل، إضاءة الساحات وتزيين الشوارع أثناء رمضان والأعياد. وشهدت هذه الظاهرة طفرة كبيرة في العهد الفاطمي، حيث كان يعهد للمسؤولين في القضاء المرور على المساجد وما يجاورها للوقوف على مدى جاهزيتها لاستقبال رمضان، وإدخال البهجة على المصلين والمارين بالشوارع وإشعارهم بعظمة وجلال الشهر الفضيل.
أما الفانوس أيقونة رمضان فهو اختراع مصري خالص، بدأ استخدامه عند قدوم المعز لدين الله الفاطمي إلى القاهرة وقد وجه جوهر الصقلي القائد العسكري حينها، بأن تنار الطرقات لاستقبال المعز لدين الله الفاطمي، ومن يومها أصبح الفانوس شعارا لرمضان وما زال محتفظا بجماله ورونقه إلى يومنا هذا.
ويبقى القماش الخيمي الأحمر والأزرق المزخرف الذي تزين به الشوارع والمنازل ويجهل أصله كثير ممن يستخدمونه، من أهم مظاهر الاحتفال برمضان وعلامة بارزة على قدومه، والقماش الخيمي فن مصري اشتق اسمه من الخيام، إذ يعد فن صناعة الخيام من أوائل الحرف والأعمال اليدوية التي تعلمها ومارسها الإنسان لصنع مأوى له من القماش، تاريخه ممتد من عصر الفراعنة وازدهر في العصر الإسلامي حين كانت مصر تصنع كسوة الكعبة واستخدم لعمل سرادقات الأفراح والأحزان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي