الوقف الأول

صندوق الوقف الصحي أحد أهم النقلات النوعية في السعودية بالنسبة إلى القطاع الثالث، وإذا تحققت طموحاته، فإننا سنكون إزاء تجربة ستكون مثالا عالميا يحتذى، يناكب أوقافا مشهورة وعريقة للجامعات والمستشفيات الكبرى المعروفة في بعض الدول المتفوقة في الأوقاف الصحية والتعليمية، التي استفادت من الإرث الإسلامي العريق في هذا المجال نظرية وتطبيقا.
هذا الوقف هو الأول بين الأوقاف الكبيرة، المخصص للمجال الصحي، وهذه بداية مهمة في هذا الطريق، ففي الولايات المتحدة 60 في المائة من المستشفيات هي مستشفيات غير ربحية، وفي بريطانيا ما لا يقل عن 200 ألف جمعية خيرية صحية، وفقا للدكتور إبراهيم الحيدري الرئيس التنفيذي للصندوق، الذي حضرت له ولفريقه لقاء مهما في ديوانية الكتاب التي تستضيفها الجمعية السعودية لكتاب الرأي "رأي".
صندوق الوقف الصحي مهم، لأنه يتميز بالحركة السريعة والاستجابة المرنة، وهو بوابة لمشاركة الجميع من القطاعات الحكومية والشركات والأفراد، الشركات والأفراد الذين منحهم الله نعمتين، الرزق الوفير، أي القدرة على العطاء، والثانية الرغبة في العطاء المستدام ذي الأثر وتنفيذ هذه الرغبة.
نتذكر أثناء الجائحة والمنع الجهود الجبارة التي نفذها الصندوق على مستوى نقل المرضى، ونقل الأدوية، بل نقل الأجهزة للإجراءات الطبية المهمة مثل غسيل الكلى وغيرها، وتنفيذ المستشفيات الميدانية، وغيرها كثير، ولعلها سانحة لشكر الصندوق أولا، ثم شكر المصارف والشركات ورجال الأعمال الذين هبوا للتبرع للصندوق آنذاك، وما زالوا يفعلون.
ما نفذه الصندوق لافت، وما يفكر في تنفيذه بالتعاون مع جهات حكومية خاصة، أكثر من رائع، ولعله - بتوفيق الله - ثم دعم ولاة الأمر - حفظهم الله - والخيرين الباحثين عن أثر مستدام، يحقق آماله.
من الأشياء الجميلة المطروحة للعمل المستقبلي أن الصندوق سيكون بمنزلة ذراع المسؤولية الاجتماعية التنفيذية للشركات الكبرى، خصوصا ما يتعلق بالمسارات الصحية، وهذه الفكرة إذا طبقت ستحقق أهداف الشركات الراغبة في عمل محوكم يمكن قياس أثره، وستحقق للصندوق بعض أهدافه والفائدة ستعود في النهاية على الفئات المحتاجة التي ستستفيد من المبادرات والمشاريع التي تنفذ، ومثل هذه الفائدة تؤثر في مجالات تنموية أخرى خارج الدائرة الصحية، كما هو معلوم. أتمنى من القادرين دعم الصندوق، وعلى المؤثرين إيصال أهدافه وأفكاره، فهو سيكون - بإذن الله - علامة بارزة في تاريخ الأوقاف السعودية وسيحقق قفزات في طرق التفكير والتنفيذ التي ينتهجها القطاع الثالث الذي تطور كثير من مفاهيمه وتطبيقاته مع إطلاق رؤية المملكة 2030، التي حددت له مستهدفات مهمة نرى وسنرى أثرها في المجتمع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي