الابتعاث .. حقول النفط
لا شك أن الاستثمار في رأس المال البشري لدى جميع الدول أهمية خاصة كون التعليم والتدريب والقدرات والمهارات لها قيمة اقتصادية، فكلما استثمرت الدولة في القوى العاملة، زادت الإنتاجية والكفاءة، وهذا بحد ذاته يسهم في رفع وتعزيز النمو الاقتصادي.
جاء الإعلان الأخير عن المسارات الجديدة في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث مختلفا وفريدا من نوعه من ناحية الأهداف والتخطيط الاستراتيجي والبعد المعرفي والاقتصادي. فهناك أربعة مسارات وهي الرواد، والبحث والتطوير، وإمداد وأخيرا واعد، ولكل مسار رسالة وأهداف أعلنتها وزارة التعليم.
لكن المهم والأهم هو تحديد أفضل 200 جامعة حول العالم وهذه النقطة المفصلية التي ركز عليها البرنامج من ناحية الكيف وليس الكم. ومع هذا فالبرنامج جاء كريما عندما حدد 70 ألف مبتعث ومبتعثة مع نهاية 2030 وهذا يعني أنه هناك نحو عشرة آلاف مبتعث كل عام. وهذا رقم كبير مقارنة بالجامعات النوعية التي تكون فيها إجراءات القبول معقدة وتأخذ وقتا طويلا بسبب المنافسة على المقاعد.
في المؤتمر الصحافي الذي عقد أمس الأول عن استراتيجية البرنامج بحضور وزراء التعليم، والموارد البشرية والاجتماعية، والصناعة والثروة المعدنية، والاتصالات وتقنية المعلومات، كان اللقاء كرنفالا مبهجا ونحن نستمتع بلغة الأرقام والرسائل التحفيزية التي نقلها الوزراء عن توجيهات القيادة، ويكفي عبارة "مواطن منافس عالميا" التي تؤكد أن المشروع وطني بامتياز.
إن فرحة إعلان المسارات الجديدة في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث تشبه تماما فرحة إعلان اكتشاف حقول نفط أو غاز في السعودية، فكلاهما مصدران مهمان اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا. بالمختصر الاستثمار في رأس المال البشري أفضل وأهم قوة في العالم. يقول نيلسون مانديلا "التعليم هو أقوى سلاح يمكنك استخدامه لتغيير العالم".