دروس ملهمة من قائد الرؤية
في اللقاء الذي أجرته صحيفة "أتلانتيك" مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، استوقفتني ثلاثة دروس ملهمة ستكون سلسلة لمقالاتي المقبلة. "قال الصحافي موجها سؤاله إلى ولي العهد، إنني أتردد على البلاد منذ 2019 وفي كل مرة أصل فيها أرى تغييرا ومزيدا من الحداثة ومزيدا من التقدم، إننا نقترب من 2030 وقد أصبحت البلاد مشابهة لدبي ومشابهة أيضا بصورة بسيطة لأمريكا، فهل تعتقد أن السعودية ستتغير عن حالها وتصبح مثل بقية العالم؟ أجابه ولي العهد،
"إننا لا نحاول أن نكون مثل دبي أو أمريكا، بل نسعى إلى أن نتطور بناء على ما لدينا من مقومات اقتصادية وثقافية وقبل ذلك الشعب السعودي وتاريخنا. نحن نحاول أن نتطور بهذه الطريقة، ولا نريد أن نقدم مشاريع منسوخة من أماكن أخرى، بل نريد أن نضيف شيئا جديدا للعالم، فكثير من المشاريع التي تقام في المملكة تعد فريدة من نوعها. إنها مشاريع ذات طابع سعودي، فإذا أخذنا العلا على سبيل المثال، فهي موجودة في السعودية فقط، لا يوجد أي نموذج مثلها على هذا الكوكب، ومشروع الدرعية هو أكبر مشروع ثقافي في العالم ويعد فريدا من نوعه كما يعد مشروعا تراثيا ثقافيا ذا طابع نجدي".
الانسلاخ من التراث والثقافة الشعبية والبيئات المحلية المتباينة في الوطن الواحد ومحاولة استنساخ تجارب الآخرين وتطبيقها دون الأخذ في الحسبان لما سبق، سيكون الفشل الذريع من نصيبه، ولذلك لا تعتمد رؤية 2030 التي وضعها قائدنا الملهم على المفهوم المادي للتطور والمقومات الاقتصادية فقط، بل ترتكز أيضا على البعد الثقافي والتراثي والاعتزاز بأصولهما الضاربة في جذور المناطق السعودية المختلفة، ولذلك حققت الرؤية إنجازات أذهلت العالم لأنها ببساطه لا تشبه شيئا آخر، فالعالم لا يوجد فيه إلا منطقة علا واحدة ودرعية واحدة وقدية واحدة...إلخ.
الدرس الأول المستوحى من اللقاء يبين لنا أن سر النجاح ألا تكون نسخة من أحد، وأن تؤمن بأن التقليد الأعمى ستكون ركائزه هشة وسريعة الانهيار، فالمقارنة بين الأصل والتقليد ستكون دوما في مصلحة الأول. الرؤية نجحت لأن قائدها آمن بأن الخيال الممزوج بالإبداع والتميز وروح الثقافة الوطنية هو سر النجاح.
وخزة
السعودية تزدهر الآن والفرص سانحة لكل مبدع يؤمن أن تحقيق أحلامه لا يعتمد على استنساخ أفكار الغير، بل في إطلاق العنان لخياله نحو مجالات الإبداع والابتكار!