الشمول الرقمي يحقق التعافي للجميع «2 من 2»

ستعمل السياسات التي تجتذب المستثمرين وتشجع المنافسة على خفض التكاليف، وتوسيع نطاق البنية التحتية اللازمة، وتيسير تكلفة الأجهزة المحمولة واستخدام البيانات. وعلى المشغلين المشاركة في استخدام البنية التحتية للحد من المعوقات أمام دخول السوق وتشجيع استخدام البنية التحتية للاتصالات التي تملكها الحكومة وغير مستغلة بصورة تامة. وفي إفريقيا نجد أن نحو 40 في المائة من شبكات الألياف الضوئية التي تمتد على أكثر من 400 ألف كيلومتر مملوكة للحكومات وغير مستغلة بصورة تامة. وفي منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، يشير 60 في المائة ممن ليست لديهم خدمات إنترنت، إلى ارتفاع تكلفة البيانات بوصفها العقبة الرئيسة أمام استخدام الإنترنت.
وإضافة إلى ذلك، يجب أن يتمتع الناس بالمهارات التي يحتاجون إليها لاستخدام التكنولوجيات الرقمية. وعندما تتوافر خدمات الإنترنت ميسورة التكلفة ومهارات استخدام التكنولوجيا، فإن ذلك يعني زيادة فرص العمل والحد من الفقر. وفي نيجيريا وتنزانيا، زادت المشاركة في القوى العاملة بواقع ثلاث وثماني نقاط مئوية، على التوالي، بعد ثلاثة أعوام أو أكثر من توافر خدمات الإنترنت، وفي الوقت نفسه، تراجعت معدلات الفقر 7 في المائة. ولا يستخدم سوى عدد قليل للغاية هذه الموارد استخداما فاعلا. وعلى الرغم من أن 83 في المائة من سكان إفريقيا يعيشون في مناطق فيها خدمات إنترنت عبر الهاتف المحمول، فلا يستخدم هذه الخدمات سوى 27 في المائة. ومن الضروري توافر المهارات الرقمية وتيسير التكلفة لسد هذه الفجوة في الاستخدام.
وتتمثل الخطوة الثالثة في بناء الثقة. ويجب أن يعرف الناس أن تفاعلاتهم وعلاقاتهم ومعاملاتهم الرقمية موثوقة وآمنة ومأمونة حتى يطمئنوا إلى استخدامها بصورة تامة. وهذه المهمة أكثر صعوبة وحافلة بالتحديات في دول العالم النامية، ولا سيما أن المهارات الرقمية ليست بدرجة التقدم نفسها في دول العالم المتقدمة. وأكثر من ثلثي الأسر المعيشية التي تتوافر لها خدمات إنترنت في أمريكا اللاتينية تشعر بالقلق ولديها شواغل، ولا سيما فيما يتعلق بالخصوصية وتأمين خدمات الإنترنت. وفي الفلبين، تستخدم بصمات الأصابع ويتم توثيق الرسائل النصية لبث روح الطمأنينة في السكان، وإفادتهم أن بطاقات هويتهم مستخدمة على نحو آمن للربط بمنافع ومزايا خدمات الرعاية والرفاهية الاجتماعية. ويتطلب إحراز تقدم في أجندة بناء الثقة الرقمية إطارا قانونيا قويا ومؤسسات قوية لحماية البيانات، ويشمل ذلك هيئات حوكمة البيانات، وسلطات حماية البيانات، ومؤسسات الأمن السيبراني.
وأدت جائحة كورونا إلى تسريع وتيرة التنمية الرقمية، واستطلاع آفاق المستقبل الرقمي الآن. لكن إذا لم نتخذ إجراءات عاجلة ومنسقة، فإن اتساع الفجوات بين الحصول على خدمات ميسورة التكلفة والمهارات والثقة يمكن أن يقوض الجهود الرامية إلى تحقيق تعاف شامل للجميع. وحان الوقت لكي يضاعف القطاعان العام والخاص الجهود لضمان أن الدول النامية تتبنى الحلول القوية للتحول الرقمي بصورة تامة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي