أطفال الجوال
يؤكد كثير من المختصين أهمية المهارات الحركية للطفل في تقوية العضلات والحفاظ على مرونتها وكذلك في إفراغ الطاقة الهائلة الموجودة في داخله والإسهام في جودة عمل الدماغ، لكن مع الأسف يغفل بعض الأهل عن ذلك بحكم الحياة اللاهثة التي يعيشونها وربما البعض لا يجد حتى متسعا من الوقت ليلتقط أنفاسه، فيلجؤون لتعويض الطفل عن حياة الانطلاق والحركة واللعب بتوفير الهواتف النقالة والأجهزة الإلكترونية، ويتم ترك الطفل لساعات طويلة أمام شاشاتها متقوقعا على ذاته منعزلا عن عالمه المحيط به، ومع مرور الوقت يصبح الطفل مدمنا على الأجهزة مفتقدا مهارات التواصل الاجتماعي مع محيطه، وفيما بعد سيواجه الأهل صعوبة عظمى في إدماجه معهم بعيدا عن التقنية الحديثة. في دراسة قام بها المركز الطبي في مستشفى مدينة سينسيناتي الأمريكية على أكثر من 47 طفلا كانوا يقضون أوقاتا طويلة على الهواتف النقالة، وجد الباحثون بعد عمل أشعة الرنين المغناطيسي على مخ كل واحد من هؤلاء الأطفال أن ما تسمى بالمادة البيضاء التي تتكون من ألياف عصبية تربط بين مناطق معينة في المخ تغيرت لديهم، كما تأثرت سلبا مناطق المخ التي تدعم تطور اللغة، ما يؤكد أن ترك الأطفال لساعات طويلة وبأيديهم الهواتف والآيبادات هو جريمة ترتكب في حقهم، ومهما كان عذرا الأم أو الأب في محاولة إسكات الطفل أو إلهائه بالجوال فهو عذر غير مقبول. قرأت قبل فترة استشارة لإحدى الأمهات تسأل بها مستشارة اجتماعية عن تركها لطفلها ذي الخمسة أعوام على الجوال لأكثر من سبع ساعات متواصلة لانشغالها بأعمال المنزل وطفلها الرضيع، فهل الأمر يشكل أذى عليه؟! مهما كان التبرير فلا شيء يجيز لأي أم أن تغامر بصحة طفلها ودماغه!
الهواتف النقالة والألعاب الإلكترونية كـ"البلاي ستيشن" وغيرها التي تجعل الطفل متسمرا أمامها لساعات طوال دون أي مهارات حركية أو تفاعل اجتماعي، هي خطر محدق يهدد صحة الأطفال ويعيق نموهم العقلي والانفعالي والاجتماعي والمهاري. الدولة لم تقصر في تهيئة الحدائق والمتنزهات المجانية في جميع الأحياء، فدعوا أطفالكم ينطلقون بممراتها ويركضون في مساحاتها الآمنة ويلعبون بألعابها الحركية ويتفاعلون مع الأطفال الآخرين. ساعتان يوميا كافية جدا ليفرغ فيها الطفل طاقته وينمي مهارات التواصل الاجتماعي ويحرك عضلاته ويستعيد دماغه نشاطه.. وفي نهاية الأسبوع أخرجوهم "بكشتة" برية شاركوهم اللعب بالرمل والتسابق والمشي على الحصى ولعب الكرة!
وخزة:
لا تجعلوا أطفالكم أسرى للأجهزة الإلكترونية ودعوا أدمغتهم تتنفس لعبا وحركة وشقاوة وضحكات بريئة وهواء نقيا!