default Author

تباطؤ النمو العالمي .. هبوط في الاقتصادات النامية «2 من 2»

|
يتضمن أحدث إصدار من تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية أقساما تحليلية تقدم أفكارا قيمة بشأن ثلاث عقبات ناشئة تحول دون تعاف مستدام في الاقتصادات النامية. يقارن القسم الأول الخاص بالديون بين أحدث مبادرة دولية لمعالجة الديون التي يتعذر الاستمرار في تحملها في الاقتصادات النامية، وهي الإطار المشترك لـ "مجموعة العشرين"، والمبادرات المنسقة السابقة لتسهيل التخفيف من أعباء الديون. ولاحظ التحليل أن جائحة كورونا رفعت إجمالي الدين العالمي إلى أعلى مستوى له في نصف قرن حتى مع أن وضع الدائنين أصبح معقدا على نحو متزايد، وخلص إلى أن ثمة عقبات أكبر ستعوق نجاح مبادرات منسقة لتخفيف الديون في المستقبل. ويمكن بتطبيق الدروس المستفادة من عمليات إعادة الهيكلة السابقة على الإطار المشترك زيادة فعاليته وتفادي أوجه النقص والقصور التي شابت المبادرات السابقة.
"إن الاختيارات التي يتخذها واضعو السياسات في الأعوام القليلة المقبلة ستحدد المسار الذي سنسلكه في العقد المقبل. ويجب أن تتمثل الأولوية العاجلة في العمل من أجل توزيع اللقاحات على نطاق أوسع وعلى نحو منصف حتى يتسنى السيطرة على الجائحة. لكن معالجة الانتكاسات في مسار التنمية، مثل تزايد أوجه التفاوت وعدم المساواة ستتطلب مساندة متواصلة. وفي ظل ارتفاع مستويات الديون سيكون التعاون الدولي عاملا أساسيا لزيادة الموارد المالية للاقتصادات النامية حتى يمكنها تحقيق تنمية خضراء وقادرة على الصمود وشاملة للجميع.
ويتناول القسم التحليلي الثاني آثار دورات الصعود والهبوط لأسعار السلع الأولية على اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية التي يعتمد كثير منها اعتمادا كبيرا على صادرات السلع الأولية. ويخلص التقرير إلى أن هذه الدورات كانت بالغة الشدة في العامين الماضيين حينما انهارت أسعار السلع الأولية مع مقدم جائحة كورونا، ثم انتعشت، ووصلت في بعض الحالات إلى أعلى مستويات لها على الإطلاق العام الماضي. ومن المرجح أن تؤدي التطورات العالمية على صعيد الاقتصاد الكلي والعوامل المتعلقة بالمعروض من السلع الأولية إلى استمرار دورات الصعود والهبوط في أسواق السلع الأولية. وبالنسبة لكثير من السلع الأولية، قد تتفاقم آثار هذه الدورات بسبب عوامل تغير الطبيعة والتحول في مجال الطاقة. ويظهر التحليل أيضا أن طفرات صعود الأسعار منذ السبعينيات كانت في العادة أكبر من موجات الهبوط، الأمر الذي أتاح فرصا كبيرة لتحقيق نمو أقوى وأكثر استدامة في الدول المصدرة للسلع الأولية لو أنها اتبعت سياسات رشيدة خلال فترات صعود الأسعار للاستفادة مما تجنيه من عوائد غير متوقعة.
ويتناول القسم التحليلي الثالث تداعيات جائحة كورونا على أوجه التفاوت وعدم المساواة على الصعيد العالمي. ويخلص التقرير إلى أن الجائحة قد زادت أوجه التفاوت العالمية في مستويات الدخل، وبددت جزئيا المكاسب التي تحققت خلال العقدين السابقين. وأدت أيضا إلى زيادة أوجه التفاوت وعدم المساواة في كثير من المجالات الأخرى للنشاط البشري، في إمكانية الحصول على اللقاحات، والنمو الاقتصادي، وإمكانية الحصول على خدمات التعليم والرعاية الصحية، ومجال فقدان الوظائف والدخول حيث كان التأثير أشد وطأة في النساء والعمال ذوي المهارات المحدودة وغير النظاميين. ومن المحتمل أن يخلف هذا الاتجاه آثارا دائمة، على سبيل المثال، قد تنتقل خسائر رأس المال البشري الناجمة عن تعطيل عملية التعليم عبر الأجيال.
في ظل التباطؤ المتوقع لنمو الناتج والاستثمار، وضيق الحيز المتاح للتصرف من خلال السياسات، والمخاطر الكبيرة التي تلقي بظلالها على آفاق المستقبل سيتعين على اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية أن تتوخى الحرص والحذر في تحديد سياساتها المالية والنقدية. ويجب عليها أيضا إجراء إصلاحات لإزالة آثار الجائحة. ويجب أن تكون هذه الإصلاحات مصممة، حيث تؤدي إلى تحسين الاستثمار ورأس المال البشري، وإزالة أوجه التفاوت في مستويات الدخل، وعدم المساواة بين الجنسين، والتصدي لتحديات التغير البيئية.
إنشرها