البيانات والتوسع في دعم الإحصاءات «1من 2»
يقول البعض: إن جمع البيانات الإحصائية مسألة سهلة، فأنت ببساطة تجري عملية عد. وملاحظة أن الإحصاءات في جوهرها هي عملية عد وإحصاء لا تجافي الحقيقة، لكن الخطأ هو الاعتقاد بأنها مسألة مباشرة. فإنتاج إحصاءات رسمية يتطلب بذل جهود هائلة، والالتزام بالطابع المنهجي، وغالبا ما يتطلب أساليب متطورة. ومن المثير للدهشة أن من الصعب إحصاء سكان بلد ما بكامله أو التأكد أن عمليات العد قابلة للمقارنة مع مرور الوقت. فسيارات اليوم، على كل حال، تختلف تماما عن مثيلاتها قبل 30 عاما.
لا شك أن الإحصاءات الرسمية هي السبيل الوحيد لقياس الوضع الراهن على نحو يمكن التعويل عليه وكذلك التقدم المحرز مع مرور الوقت، حيث توفر الإحصاءات الرسمية معلومات عن تعداد السكان وكيفية تغيره من عام إلى آخر، كما تظهر كيفية تحرك الأسعار، وتبين كيف تنمو الأنشطة الاقتصادية في بلد ما، وأي القطاعات تزداد أهمية، وأيها تتراجع. وفي غياب الإحصاءات الرسمية لن نستطيع مقارنة أحوالنا المعيشية الحالية بما كان عليه الحال قبل 20 أو 30 عاما.
لهذا السبب، لا تزال الإحصاءات الرسمية تتطلب دعمنا رغم الطبيعة سريعة التغير لمنظومة البيانات، كما هو مبين في مطبوعة تقرير عن التنمية في عالم 2021: البيانات من أجل حياة أفضل. وهذا هو بالضبط السبب في أن دور الأجهزة المركزية للإحصاء التي تقدم هذه الخدمات على الصعيد الوطني لا يزال ضروريا كما كان دائما، حتى في ظل منظومة بيانات شهدت توسعا هائلا.
لكن مما يثير مزيدا من القلق لدينا هو ضعف أداء الأجهزة المركزية للإحصاء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولا سيما المقارنة بنظيراتها على مستوى العالم، وذلك وفقا لمؤشرات الأداء الإحصائي للبنك الدولي. "فإقليميا، تأتي المنطقة في المرتبة قبل الأخيرة ولا تليها إلا منطقة إفريقيا جنوب الصحراء". ولا يشهد هذا الجزء من العالم في الأغلب جمع مجموعات بيانات البحوث والمسوح الأساسية، مثل تعدادات المنشآت، وبحوث الاستهلاك، وبحوث الصحة والقوى العاملة، حتى عند جمعها لا تتاح البيانات للجمهور لإعادة استخدامها أو تكون قديمة عند إتاحتها كما تظهر هذه الورقة التي اشتركت في إعدادها مع الزميلة أوتشيه إخاتور - موبايود. وكما نعلم، فعندما لا يجري تحديث مجموعات البيانات الأساسية، فإن الإحصاءات الأساسية مثل مؤشر أسعار المستهلكين أو إجمالي الناتج المحلي تستند بدورها إلى معلومات قديمة أيضا.
وهنا لا بد من الحديث عن ضرورة دعم الأجهزة المركزية للإحصاء في المنطقة لضمان اضطلاعها بالدور المنوط بها في المنظومة الجديدة للبيانات رغم أن العصر الرقمي نعمة تعود بالنفع على من يبحثون عن الشواهد والأدلة، فإنه يتسبب أيضا في حدوث حالة من اللبس والارتباك. ففي هذه الأيام، يبدو أن بمقدور أي شخص إنتاج الإحصاءات. لكن أيها نصدق؟ وأي الأرقام تمثل الحقائق تمثيلا دقيقا؟ من هنا فإن الإحصاءات غير الرسمية، تشكل خطرا كبيرا على المجتمع والعقد الاجتماعي على السواء. وتسهم الأجهزة المركزية للإحصاء بدور مهم في ضمان ألا تفقد الإحصاءات الرسمية أهميتها في قياس التقدم المحرز... يتبع.