Author

واقع التحول الأمريكي في الطاقة ومستقبله "2 من 2"

|
مختص في شؤون الطاقة
عودا على بدء، ذكرت في المقال السابق أن العالم ما زال وسيبقى متعطشا لجميع مصادر الطاقة دون استثناء، فالعالم ينمو في جميع المجالات نموا مطردا، وهذا النمو يرافقه بطبيعة الحال نمو في الطلب على الطاقة، وهذا النمو يحتم على الجميع التركيز على رفع كفاءة إنتاج واستهلاك جميع مصادر الطاقة دون استثناء وليس السعي الحثيث لإقصاء بعض مصادر الطاقة أو محاولة تهميشها.
ذكرت أن ما يهم العالم فعلا هو وجود إمدادات موثوقة ومستقرة للطاقة تغذي شرايين العالم لتواكب هذا النمو، فأمن الطاقة العالمي هو قضية الجميع دون استثناء، وتحقيق هذا الأمن يعني تعاون الجميع والتعامل مع هذه القضية بحكمة ونظرة شمولية تتجاوز المصالح الشخصية الضيقة والمماحكات السياسية والاقتصادية.
سلطت الضوء على بعض الأرقام المهمة التي تخص الاستهلاك الأمريكي للطاقة منذ عام 1990 حتى عام 2020، والتحول الذي مرت به الولايات المتحدة في الطاقة خلال هذه الفترة، وتبديل المراكز بين بعض مصادر الطاقة وأسباب ذلك ومبرراته. في ظل التغيرات الدراماتيكية حول الطاقة ومستقبلها، ما مستقبل التحول الأمريكي في الطاقة؟ وما أثر ذلك في العالم وسياساته في هذا الصدد؟ فيما يخص النفط والسوائل النفطية الأخرى، فمن المتوقع أن يعود استهلاكها عام 2050 كوقود إلى مستويات عام 2007 تقريبا عند 39 كوادريليون وحدة حرارية بريطانية، أي بارتفاع بنحو 20 في المائة عن الاستهلاك في عام 2020.
ومن المتوقع أن يرتفع الاستهلاك الأمريكي للغاز ارتفاعا لافتا، حيث سيرتفع الاستهلاك عام 2050 بنحو 25 في المائة مقارنة باستهلاكه عام 2020، وبنحو 87.5 في المائة مقارنة بعام 1990. في رأيي أن النسبة سترتفع عن الأرقام المتوقعة لاستهلاك الغاز في أمريكا وخارجها، نظرا للتوجه العالمي المبالغ فيه في التعاطي مع قضية تغير المناخ والاحتباس الحراري.
فيما يخص الفحم الذي يعتقد البعض أن العالم تخلى عنه نهائيا أو سيتخلى عنه قريبا في توليد الطاقة، فمن المتوقع أن تستهلك أمريكا نحو 7.5 كوادريليون وحدة حرارية من الفحم عام 2050، أي بانخفاض بنحو 15 في المائة تقريبا عن استهلاكها للفحم عام 2020. الطاقة النووية ستواجه انخفاضا خفيفا في الاستهلاك عام 2050 مقارنة بعام 2020، حيث من المتوقع أن يكون هناك انخفاض بنحو 15 في المائة، وهذا يخالف بعض الآراء والتوقعات حول توسع الولايات المتحدة في مشاريع الطاقة النووية. للطاقة المتجددة نصيب الأسد في نمو الطلب عليها، ومن المتوقع أن تضع له بصمة قوية ومؤثرة بين مصادر الطاقة العالمية في الداخل الأمريكي.
وبحسب التوقعات سيرتفع استهلاك الطاقة المتجددة في أمريكا بحلول عام 2050 إلى نحو 18 كوادرليون وحدة حرارية، وبنسبة ارتفاع تقدر بنحو 140 في المائة مقارنة بكمية الاستهلاك عام 2020، وبنسبة ارتفاع تصل إلى 620 في المائة مقارنة بعام 1990. ستبقى الطاقة من الوقود الحيوي والطاقة المائية ثابتة نسبيا دون تغير يذكر، وهو في رأيي أمر منطقي مقارنة بكفاءة وجدوى بعض المصادر التي تم ذكرها أعلاه اقتصاديا.
بعد تسليط الضوء على رحلة التحول الأمريكي في الطاقة واستشراف مستقبلها، كيف سيؤثر ذلك في العالم وسياساته في هذا القطاع المهم؟ هذا هو موضوع مقالنا المقبل بإذن الله.
إنشرها