Author

نمو التوطين والأجور في القطاع الخاص

|
عضو جمعية الاقتصاد السعودية
أظهر أحدث بيانات وظائف القطاع الخاص بنهاية الربع الثالث من العام الجاري، وفقا للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية نمو العمالة المواطنة في منشآت القطاع الخاص بمعدل سنوي بلغت نسبته 3.8 في المائة (نمو سنوي بنسبة 1.2 في المائة للذكور، نمو سنوي بنسبة 9.1 في المائة للإناث)، استقرت على أثره عند أعلى من 1.8 مليون عامل (1.2 مليون عامل، 638.3 ألف عاملة)، كما سجلت نموا ربعيا مقارنة بمستواها في نهاية الربع الثاني السابق بلغت نسبته 3.4 في المائة، ووصل صافي الزيادة الربعية في أعداد العمالة المواطنة إلى أكثر من 60.5 ألف عامل (25.0 ألف عامل، 35.5 ألف عاملة).
في المقابل، على مستوى أعداد العمالة الوافدة في منشآت القطاع الخاص خلال الفترة نفسها سجلت انخفاضا سنويا وصلت نسبته إلى 7.7 في المائة (انخفاض سنوي بنسبة 7.9 في المائة للذكور، انخفاض سنوي بنسبة 1.5 في المائة للإناث)، ليستقر عدد العمالة الوافدة مع نهاية الربع الثالث من العام الجاري عند 5.9 مليون عامل (5.69 مليون عامل، 224.6 ألف عاملة)، وهو أدنى عدد للعمالة الوافدة يتم تسجيله خلال 13 عاما مضت، كما سجلت انخفاضا ربعيا مقارنة بالربع الثاني من العام نفسه بنسبة 1.9 في المائة، بصافي انخفاض في أعدادها وصل إلى 113.8 ألف عامل، وليصل صافي الانخفاض في أعدادها منذ مطلع العام الجاري حتى نهاية الربع الثالث منه إلى 355.5 ألف عامل (انخفاض 358 ألف عامل، مقابل ارتفاع 2.6 ألف عاملة).
أفضت التطورات أعلاه بدورها إلى استمرار ارتفاع معدل التوطين إلى 23.6 في المائة، الذي يعد معدل التوطين الأعلى طوال أكثر من ثلاثة عقود زمنية مضت، ويؤمل بالتأكيد أن يستمر ارتفاعه إلى المستويات التي تنعكس إيجابيا على رفع مساهمة الموارد البشرية الوطنية في سوق العمل المحلية، وتزامنه مع تحسن الوظائف التي تشغلها في مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، وتحسن المستويات المعيشية بالنسبة إليهم، وتخفيف الاعتماد المفرط من قبل منشآت القطاع الخاص على خدمات العمالة الوافدة. وعلى مستوى معدل التوطين وفقا لمستويات الأجور حتى نهاية الربع الثالث 2021، فقد ارتفع بالنسبة للوظائف ذات الأجور التي تبدأ من عشرة آلاف ريال شهريا فأعلى إلى 53.4 في المائة (52.6 في المائة الربع الثالث 2020)، وارتفع للوظائف ذات الأجور بين خمسة آلاف ريال إلى 9.9 آلاف ريال إلى 56.1 في المائة (53.9 في المائة الربع الثالث 2020)، وارتفع بوتيرة أكبر للوظائف ذات الأجور الأعلى من 3.0 آلاف ريال إلى 4.9 آلاف ريال إلى 71.0 في المائة (53.3 في المائة الربع الثالث 2020)، نتيجة للمبادرات الأخيرة المتعلقة برفع مستويات الأجور للسعوديين المشترط احتسابها في نطاقات، ولهذا انخفض معدل التوطين للوظائف ذات الأجور المتدنية من 3.0 آلاف ريال فأدنى إلى 4.0 في المائة فقط (11.5 في المائة الربع الثالث 2020)، حيث انخفض عدد العمالة المواطنة في هذا المستوى المتدني للأجور بمعدل سنوي بلغ 71.4 في المائة، ليستقر عند أدنى من 204.9 ألف عامل وعاملة من المواطنين بنهاية الربع الثالث 2021، مقارنة بمستواه خلال الربع نفسه من العام الماضي البالغ 715.4 ألف عامل وعاملة من المواطنين، ولهذا شهد المستوى الأعلى منه من حيث الأجور من 3.0 آلاف ريال إلى 4.9 ألف ريال ارتفاعا سنويا قياسيا وصلت نسبته إلى 124.4 في المائة، مرتفعا من 407.5 ألف عامل وعاملة من المواطنين بنهاية الربع الثالث 2020 إلى 914.4 ألف عامل وعاملة من المواطنين بنهاية الربع الثالث 2021.
انعكست تلك التغيرات الإيجابية مرحليا على متوسط الأجور الشهرية المدفوعة للعمالة المواطنة في القطاع الخاص، بتسجيلها ارتفاعا سنويا وصلت نسبته إلى 7.0 في المائة (ارتفاع متوسط أجور الذكور 6.0 في المائة، ارتفاع متوسط أجور الإناث 14.5 في المائة)، استقر على أثره متوسط الأجور الشهرية المدفوعة للعمالة المواطنة عند 7044 ريالا / شهريا (8181 ريالا / شهريا للمواطنين الذكور، 4927 ريالا / شهريا للمواطنات الإناث).
لا تتجاوز هذه التطورات الإيجابية مجرد كونها بداية جيدة لعديد من المبادرات والتغييرات الجذرية التي بدأتها وزارة الموارد البشرية أخيرا، ويؤمل - بمشيئة الله تعالى - أن تتصاعد تدريجيا ربعا بعد ربع خلال العامين المقبلين على أبعد تقدير، وأن تشهد أعداد العمالة المواطنة تصاعدا مطردا خلال الفترة المقبلة، يتوقع أن تتجاوز سقف 2.0 مليون عامل وعاملة من المواطنين بحلول نهاية العام الجاري، وهو الأمر الذي سيكون لأول مرة في تاريخ سوق العمل المحلية في القطاع الخاص، وسيسهم بدوره في خفض معدل البطالة لأدنى مستويات ممكنة.
كما يجب النظر بمزيد من التفاؤل تجاه كثير من المبادرات المهمة على مستوى التوطين، التي سيتم إقرارها قبل نهاية العام الجاري، ومع مطلع العام المقبل بمشيئة الله تعالى التي يؤمل أن تسهم بصورة ملموسة في تحسين بيئة العمل أمام الباحثين عن فرص عمل من المواطنين والمواطنات، سواء على مستوى نوعية الوظائف التي ستتاح أمامهم من حيث المهارات والخبرات والأجور، أو على مستوى توافر مزايا الاستدامة والاستقرار الوظيفي التي كانت تفتقر إليها خلال الأعوام الماضية التي كانت تعتمد على التوطين الكمي أكثر من التوطين النوعي الذي بدأت سوق العمل المحلية تلمسه من خلال التحسينات التي طرأت على برامج التوطين الراهنة، ومن خلال المبادرات الجديدة التي بدأ العمل فيها خلال العام الجاري، وسيستمر تدشينها في العام المقبل بمشيئة الله تعالى.
إنشرها