default Author

وجبة طائر السلام

|

منذ أن وطئت قدما أبونا آدم الأرض وهو يبحث عما يقتات به، ليستطيع أن يقاوم صعوبات العيش على الأرض، ويقال: إن أول طعام تناوله سيدنا آدم عليه السلام هو "النبق" قبل أن يمنحه جبريل حبات الحنطة لزراعتها. ومع بحث الإنسان المستمر عن مصادر غذائه وجدنا أن طائر الحمام أحد أهم وجباته، فقد بينت الدراسات العلمية أن إنسان النياندرتال الذي اختفى قبل آلاف الأعوام كان يصطاد الحمام ليقتات عليه، حيث عثر الباحثون على آثار أدوات وأسنان وعلى 17 ألف عظمة حمام في كهف في جبل طارق لجأت إليه عدة مجموعات من رجال نياندرتال، والإنسان المعاصر قبل 67 ألف عام، والواضح أنهم كانوا يأكلونه نيئا وينتزعون لحمه بوساطة أسنانهم التي تركت أثرا لم تستطع الأعوام محوه.
يعد طائر الحمام في معظم الثقافات رمزا للحب والسلام فهو لا يخون ويكتفي بزوجة واحدة يتناوب معها العناية بصغارهما، ويبقى مع شريكته طوال حياته ويستمد الفلاسفة من أسلوب حياة الحمام الزوجية الطريقة المثلى لتعامل الأزواج من البشر مع بعضهم ومع أولادهم.
وعلاقة الإنسان مع الحمام علاقة أزلية فقد وجد على كوكب الأرض قبل البشر منذ أكثر من 20 مليون عام، وأثبتت "الأحافير" على الصخور ذلك، كما عثر أيضا على رسومات لطيور الحمام في كثير من المخطوطات المصرية الأثرية، التي ترجع إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، ورسوم من الحضارات الأوروبية والآسيوية القديمة، تؤكد "ألفة" الإنسان لهذا الطير، الذي لا يزال كثير من الحضارات والثقافات تتخذه رمزا لـ"الحب" و"السلام". وهو طائر ذكي وشديد التعقيد بشكل يفوق التصور ومن الكائنات القلائل التي اجتازت اختبار المرأة وهو اختبار التعرف على الذات، كما يتميز بقدرته على التفريق بين الحروف الأبجدية والصور الفوتوغرافية للأشخاص، إضافة إلى تمتعه بعديد من الصفات التي تميزه عن باقي الطيور مثل قدرته العالية على السمع وعلى التقاط ترددات أقل بكثير من الترددات التي يستطيع البشر التقاطها، ما يمكنه من سماع البراكين والعواصف من مسافات بعيدة.
وتشتهر طيور الحمام بقدرتها الملاحية الفائقة ومهاراتها العالية باستخدام الشمس كدليل، كما أن لديها بوصلة مغناطيسية داخلية، وكشفت دراسة في جامعة أكسفورد عن أن طيور الحمام تستخدم المعالم الرئيسة على الأرض كعلامات استدلال.
واختلفت أهداف تربية الحمام على مر العصور من استخدامه كوسيلة تواصل إلى تربيته ليتحول إلى وجبة لذيذة أو للمباهاة به في مسابقات الجمال أو سباقات الصيد، فبإمكانه قطع ألف كيلومتر والطيران على ارتفاع ستة آلاف قدم.

إنشرها