الاقتصاد العالمي وسلبية البنية والنمو «2 من 2»
الواقع أن المعايير المزدوجة صارخة بدرجة مذهلة. فقد جرى تصميم صفقة ضريبية جرى الترويج لها بشدة بموجب الإطار الشامل بشأن تآكل القاعدة الضريبية وتحويل الأرباح التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. كما يحرص بعض الدول ذاتها التي تمكن كل هذه الانتهاكات الضريبية، وأبرزها المملكة المتحدة وسويسرا، على منع التنازل عن حقوق الملكية الفكرة التي من شأنها أن تساعد على تمكين طرح اللقاحات بكميات ضخمة في الجنوب العالمي.
يثير هذا تساؤلات جدية حول ما إذا كانت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هي المؤسسة المناسبة لتنسيق المفاوضات الضريبية العالمية. صحيح أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فتحت الطريق أمام أكثر من 100 عضو من خارج المنظمة للإدلاء بأصواتهم في المفاوضات. لكن عديد من مقترحات الدول النامية استبعدت من الاتفاق النهائي.
ليس مستغربا أن تكون الدول الفقيرة بعيدة تماما عن الرضا عن هذه الحال. فبينما كانت دول مجموعة العشرين مجتمعة في روما أواخر الشهر الماضي للتصديق على الاتفاق، كررت مجموعة الـ 77 التي تمثل 134 اقتصادا ناميا، دعوتها القائمة منذ أمد بعيد لإنشاء هيئة ضريبية عالمية في الأمم المتحدة، تتولى المسؤولية عن إصلاح الضوابط التنظيمية الضريبية العالمية واتخاذ تدابير صارمة ضد الملاذات الضريبية في الخارج.
الواقع أن هذا الاقتراح الذي بموجبه تحول لجنة خبراء الأمم المتحدة المعنية بالتعاون الدولي في المسائل الضريبية إلى منتدى حكومي دولي تقدم به لأول مرة عام 2004 كوفي أنان الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك وأنا شخصيا بصفتي وكيلا للأمين العام للشؤون الاقتصادية والاجتماعية. وقد كررت مجموعة الـ 77 دعوتنا عام 2015، في إطار مؤتمر الأمم المتحدة لتمويل التنمية في أديس أبابا.
كما كانت فكرة إنشاء هيئة ضريبية عالمية تابعة للأمم المتحدة بين التوصيات الرئيسة التي خلص إليها فريق الأمم المتحدة رفيع المستوى المعني بالمساءلة المالية الدولية والشفافية والنزاهة من أجل تنفيذ أجندة 2030، واللجنة المستقلة لإصلاح الضرائب الدولية على الشركات ICRICT. (أفخر بخدمتي في كليهما). وهي تتوافق مع مطالب المجتمع المدني العالمي.
لو أبرمت المنظمات المالية والاقتصادية المختصة صفقة عادلة للاقتصادات النامية، ما كانت مجموعة الـ 77 لتكرر دعوتها لإنشاء هيئة ضريبية تابعة للأمم المتحدة. لهذا السبب، طالبـت اللجنة المستقلة لإصلاح الضرائب الدولية على الشركات باستمرار المفاوضات إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق ضريبي عالمي جديد أثناء رئاسة مجموعة العشرين من قبل إندونيسيا عام 2022، والهند عام 2023.
لكن إحراز تقدم حقيقي يتطلب تغيير المفاوضات شكلا وموضوعا، لضمان سماع أصوات الدول النامية. وإذا كان الخبراء الاقتصاديون من خلال المنظمات العالمية المختلفة جادين بشأن تصحيح السلبية الناتجة عن الانتهاكات الضريبية عبر الحدود، فيتعين عليها أن تدعم الدعوة إلى إدارة عملية شاملة حقا تحت مظلة الأمم المتحدة.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.