قيم الشهرة الجديدة

في الماضي، كان بعض الباحثين عن الشهرة في العالم يتعمدون القيام بأمور خارجة عن المألوف بهدف لفت الانتباه. بعضهم يعمد إلى القفز من مبنى مرتفع أو جسر. البعض الآخر يضع آلاف النحل على جسده، إلى آخر تلك الصور التي كانت وسائل الإعلام التقليدية تتلقفها - آنذاك - وتبثها عبر نشرات الأخبار وبرامج المنوعات.
مع طفرة وسائل التواصل الاجتماعي، والبث الحي عبر مئات المنصات الإلكترونية، بدأت تتسلل إلى الذهنية الجمعية ظاهرة لافتة تتمثل في كسر القوالب التقليدية والخروج عن المألوف طلبا للشهرة.
ومع تزايد فرص البث الحي، وظهور نتائج ملموسة لهذه التجاوزات، بدأت المجتمعات الإنسانية في التصالح مع هذه الأمور.
في المشهد العربي والخليجي، أفرزت وسائل التواصل الاجتماعي، نماذج غاية في السخف والتفاهة، وقد حظيت هذه النماذج بمزيد من المشاهدات والشهرة. في الوقت الذي كان المحتوى الجاد يواجه في الأغلب تحديات جمة في الوصول إلى جماهير واسعة.
الأمر اللافت في ظاهرة تسويق التفاهة، انسياق فئات مجتمعية مختلفة، أغنياء وفقراء، صغار وكبار، نساء ورجال. وبعض المشاركين كان لهم إسهامات فنية واجتماعية، وربما أن انحسار الضوء عنهم قد جعلهم يتورطون في ظهور لا يليق بهم ولا بتاريخهم. ما كان عيبا بالأمس، أصبح جزءا من القيم المرتبطة بثقافة التواصل الاجتماعي.
التحديات التي أوجدتها السوشيال ميديا، لم يقتصر أثرها في الإعلام الجاد فقط، بل كان تأثيرها في الطروحات ذات المحتوى المفيد بشكل عام.
بعض الدول عمدت إلى حلول كان من بينها خيار الحجب. بينما راهنت مجتمعات كثيرة، على نضج ووعي المتلقي، إضافة إلى تفعيل القوانين والتشدد في ملاحقة أي تجاوزات. إن قيم الشهرة الجديدة قد أصابها كثير من التغيير. وكلما حقق مشهور مركزا متقدما، يسعى مشهور آخر إلى تجاوزه تارة بالكذب وأخرى بالاستغراق في الطرح المستفز أخلاقيا أو عنصريا، أو بأي طريقة أخرى، بعضها يتم التعامل معه من قبل الأجهزة الأمنية باعتباره جناية تستحق التوقيف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي