default Author

الوريث الرقمي

|
لم يعد ذلك الجهاز الذي لا يكاد يفارق أيدينا جزءا من حياتنا بل هو حياتنا كلها. أسرارك صورك مذكراتك أعمالك ملاحظاتك أرقامك السرية حسناتك حتى ذنوبك كلها مخزنة عليه. بدونه لا تكاد تجد طريقك ولا رقم صديق طواه النسيان ولا حتى عاملا يصلح لك حنفية المطبخ إنه عالم كامل نسخة منك من عقلك من حواراتك الصامتة من بوحك من سعادتك وحزنك.
تحميه طوال الوقت برقم سري وقد تحجب شاشته عن أعين المتطفلين، فهل فكرت يوما أين سيذهب هذا كله بعد عمر طويل حين يحين الرحيل، هل ساورك القلق يوما تجاه النسخة الرقمية من ذاتك لتختبر هذا الشعور يكفي فقط أن تفقد جوالك لدقائق.
لذلك لم ترض “أبل” لك القلق والحزن ولا لتاريخك أن يمحى بسهولة ولا غضبة الورثة من بعدك ولم تتخل عنك حتى بعد وفاتك، حيث كانت “أبل” قد منعت المستخدمين من الوصول إلى بيانات وحسابات وأجهزة المتوفين “سحابتك الإلكترونية”، بل وتخفي جميع بيانات وصور البعض عند وفاتهم ولم تكن هناك طريقة واضحة أو صريحة تسمح بالوصول إلى بيانات حسابات المتوفين فتموت بياناته معه حتى لو قدم ذوو المتوفى الأوراق الثبوتية اللازمة لإثبات القرابة. لذا قررت “أبل” أن تضيف ميزة لجوالاتها تعرف بـ”حق البقاء على قيد الحياة” فأنت لست موجودا ولكن نسختك الرقمية موجودة. وهذه الميزة يوفرها برنامج الوصية الرقمية التي تمكن مستخدمي أجهزة الآيفون من اختيار ما يصل إلى خمسة ورثة رقميين وتعيينهم كجهات اتصال يمكنهم الوصول إلى سحابتك الإلكترونية وصورك وبياناتك الشخصية المخزنة على جهازك حتى عمليات الشراء التي قمت بها.
وعلى الرغم من أن “أبل” تسمح للمستخدمين بإضافة حسابات الورثة إلى حسابهم إلا أن الشركة تطلب من الورثة تقديم الأوراق اللازمة لإثبات أحقيتهم في الحساب التي تتضمن وثيقة إثبات القرابة وشهادة وفاة صاحب الحساب والمفتاح الخاص الذي يتم إرساله للورثة الرقميين للوصول لحسابات المتوفى، وتبقى هذه العملية أسهل مما كان يعمل في السابق من رفع قضية في المحكمة لإثبات أحقيتهم في وراثة الحساب، وبالتالي الوصول للأجهزة أو بيانات المتوفى.
ومن باب الإحسان يتوجب علينا كمستخدمين سواء لأجهزة “أبل” أو غيرها أن نستعد ليوم الرحيل بتحديد وريث رقمي أو كتابة وصية تحمل الأرقام السرية لأجهزتنا، لأنك لا تعلم ما تخفي لك الأيام وهذا من باب الإحسان لورثتك من بعدك وخير يبقى لك وذكرى عطرة، هل حددت الآن من وريثك الرقمي الذي تثق به؟.
إنشرها