صحتك بالدنيا
أذكر أنني في 2004، توجهت لمقابلة طبيب اشتهر في القنوات بقدراته العجيبة في علاج بعض الأمراض الوراثية وإصلاح ما يفسده الدهر لدى كبار السن. كانت تلك الرحلة الأولى لبعض أبنائي ولهذا استمتع الجميع بالرحلة رغم عدم تحقيق الهدف الأصلي من مقابلة الرجل، الذي كان له برنامج يومي في قناة الدولة التي يعيش فيها، ينشر من خلاله المعلومات الخاطئة في مجال الصحة والجمال.
استمر الرجل أعواما، وكان يعلق في مكتبه صور لقاءاته مع علية القوم والخطابات المشيدة بعلمه من كبار التجار والمسؤولين في تلك الدولة، ثم كشف أمره وانتقل إلى دولة أخرى، وعاد ليظهر في قنوات الدولة الجديدة وكأن شيئا لم يكن. حجم الهالة التي توجد حول الشخص الآن أقل من سابقتها، لكنه لا يزال يحظى بمشاهدين يبحثون عن الحلول الصحية والجمالية.
يحلم أحد أصدقائي أن يصبح عالم طب أعشاب، ويتابع كل من هب ودب من "مدعي" المعرفة بالمجال. الاهتمام الذي أشاهده بما يعرضه الرجل في جلساته يجعلني ألمح له "وأصرح أحيانا" بخطأ ما يذهب إليه من الفتوى، فيما يخص صحة الناس، مذكرا له بما آل إليه حال صاحبنا السابق ذكره في بداية المقال.
تنتشر لوثة الفتوى في مجال طب الأعشاب لدى كثيرين لمجرد مشاهدة مقاطع أو الجلوس أمام شاشة التلفاز والتنقل بين القنوات، وقد يكون من المجدي إيجاد وسائل التوعية اللازمة للمتابعين، ووسائل العقاب المناسبة للمخالفين. هذا الأمر ليس حكرا على دولنا العربية، فهؤلاء موجودون في أغلب دول العالم.
ينهج بعض الدول نهجا مفيدا يبنى على المعرفة والعلم، حيث توجد جامعات متخصصة لتدريس الطب الشرقي ويحصل الدارسون على فرصة التعرف على مختلف أوجه التأثير الذي تحدثه بعض الوصفات، التي يعتقد البعض أنها مفيدة، بينما هي في واقعها سمية وخطرة على الصحة. هناك كثير مما تجب معرفته عن هذا العلم القديم، وهناك مختصون مرجعيون في الأمر، ما يجعل المغامرة من قبل من لا يعلمون تحوي خطورة كبرى.
أزعم أنه يمكن إيجاد وسائل لحماية المجتمع من الاجتهادات في المجال من قبل منح التراخيص في المجال كما هو حاصل في مجال الطب الغربي، الذي يتخرج ممارسوه في الجامعات ويخضعون بعد ذلك لاختبارات مهنية لضمان استيعاب المحتوى بالشكل المفيد للمستهلك.