default Author

شرطة الفيروسات

|
نؤمن أننا لسنا وحدنا في هذا الكون فهناك عوالم أخرى تعيش معنا تشبه عالمنا تحيط بنا قد لا نراها، ولكن نشعر بأثرها في حياتنا. فقد تجبر الإنسان وطغى بتفرده بقوته العقلية والجسمانية التي منحها الله له دون غيره من المخلوقات ومع ذلك كاد أن يقضي عليه كائن مجهري... وظلت الأسئلة حائرة من أين أتى؟ هل هو نتيجة لحادث معمل أو قفزة طبيعية من حيوان إلى إنسان؟ وهل ستقف هجمات تلك العوالم علينا أم ستستمر؟ وما دفاعاتنا ضد الغزوات الخفية القادمة؟!
لذا كان لزاما علينا أمام المجهول الذي نواجهه أن نطور أدواتنا للتعامل مع التهديدات المسببة للأمراض وتتبع الآثار التي يتركها وراءهم المجرمون البيولوجيون أو الفيروسات!
فكما يبحث الشرطي أو المخبر عن الأدلة التي تثبت إدانة متهم بجريمة ما يقوم الشرطي أو المخبر البيولوجي بالبحث والتحري عن القرائن والأدلة التي تدين معمل ما بالتورط أو التسبب في جريمة بيولوجية. والمخبر البيولوجي هو المختص بالهندسة البيولوجية أو الحيوية الذي يبحث عن منشأ الفيروسات وأصلها، وهل تم تخليقها بفعل فاعل أم حدثت طبيعيا نتيجة عرض ما!
تم الاعتراف بها في بريطانيا كفرع من فروع الهندسة في منتصف القرن الـ20، وأسس أول برنامج دراسي في جامعة كاليفورنيا في 1966، ورغم أهمية هذا العلم وتعدد تطبيقاته في شتى المجالات إلا أنه قد يتسبب في كوارث بشرية وعلى رأسها الحروب البيولوجية، وهل ينسى العالم ما حدث أيام فيروس السارس قديما وكورونا حديثا!
خطورة هذه الحروب تكمن في أن الجناة مجهولون، إلا أن المجرم لا بد أن يترك وراءه أثر يدل عليه فتكون بمنزلة بصمات الأصابع التي تدل على المجرمين من البشر، وهنا يلعب المخبر الحيوي دوره في البحث عن الجناة ومحاسبتهم من خلال تتبع تسلسل جيني معدل وراثيا وتحديد المختبر الذي طوره.
ومن أجل تطوير هذا المجال والبحث عن باحثين متميزين فيه نظمت بداية هذا العام مسابقة دوليه شارك فيها عديد من المختبرات، وأكثر من 1200 متسابق بين باحثين أكاديميين ومتخصصين في الصناعة ومواطنين عاديين ممن لديهم اهتمامات علمية، وتمكن الفريق الفائز من تتبع تسلسل جيني أثناء تصنيعه في المعمل، ما يتيح لنا الوصول إلى مصدر الفيروس ويحمينا من الأسلحة البيولوجية وتسريبات الفيروسات المهندسة وراثيا عن طريق الخطأ، ويسمح لنا بتحديد مكان التسريب ومعرفة ما تقوم به المعامل من أعمال الهندسة الوراثية بإجراءات أمان غير كافية، ما يجعل العلم أكثر أمانا.
إنشرها