الغاضبون

يقول ريان مارتن، أستاذ علم النفس في جامعة ويسكونسن، "إن الأفكار التي تتولد لدينا في الوهلة الأولى من الغضب يمكن أن تجعلنا نفقد السيطرة تماما على مشاعرنا، أو يمكن أن تساعدنا على التحكم فيها إلى الأبد"، وفي دراسة أجرتها الجمعية البريطانية لإدارة الغضب خلصت إلى أن هرمون الأدرينالين الذي يؤجج الانفعال يكون في أوجه، ويعطي طاقة سلبية وانفعالية، ولتقليله لا بد أن يحاول الإنسان تغيير وضعية جسمه لتخفيض نسبة هذا الهرمون، وهذا مصداق لقول الحبيب عليه الصلاة والسلام، "إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع". ما يحدث في اللحظات الأولى للغضب هو الحد الفاصل بين القدرة على إدارة غضبك أو تركه يقودك. التغييرات الصحية التي تحدث لك في لحظات الغضب يجب أن تكون رادعا قويا لك قبل الانسياق التام خلف ثورة غضبك، فكثير من الإصابات القلبية تكون ناتجة عن الانفعالات السلبية القوية للغضب التي تؤثر في النبض فتدفعه إلى التسارع فيقل الأكسجين، وبالتالي يضطر القلب لضخ مزيد من الدم للجسم أثناء الغضب فتضعف العضلة، ما يؤدي إلى الجلطات والنوبات القلبية المفاجئة. كن واثقا أن فاتورة غضبك سيدفعها قلبك على المدى القريب والبعيد. ما نشاهده في السوشال ميديا بين الحين والآخر من مقاطع عنيفة هي نتيجة فقدان الناس أعصابهم في لحظات الغضب، والانقياد إلى مشاعرهم الانفعالية إلى أقصى حد، ما يجعلهم يتجاوزون الحدود القانونية فيتحول الأمر إلى جرائم يعاقب عليها القانون. هؤلاء بعد زوال الانفعال سيدركون حجم الكارثة التي زجوا بأنفسهم فيها بسبب انجرافهم خلف ثورة غضب لا تستحق. وسط كل هذه الضغوط الحياتية والنفسية التي يعيشها إنسان هذا العصر، أظن أنه من الضروري أن يتعلم الجميع كيفية إدارة الغضب والتحكم فيه، تجنبا لآثاره المدمرة سواء كانت صحية أو اجتماعية، ويقع على الأهل والمدرسة جانب كبير في التوعية بمخاطر الغضب وعدم "التعزيز" لمثل هذه الفئة التي قد ينخدع بعض المراهقين بطريقتهم.

وخزة:
قبل فترة أرسلت لي إحداهن صورة يدها وفيها كدمات زرقاء وأخبرتني أنها تعرضت للضرب من زوجها، رغم أنها حامل في الشهر السابع، بسبب جدال حاد جرى بينهما، فذهبت إلى منزل أهلها وبعد فترة أرسل إليها يطلب منها العودة إلى المنزل، وسألتني إن كنت أنصحها بالعودة؟ فسألتها هل هذه أول مرة يصدر منه ذلك؟ فقالت "هو عصبي ولا يتحكم في غضبه وفي كل مرة يحدث هذا الأمر". كانت نصيحتي لها ألا تعود إليه إلا إن حصل على دعم نفسي وسلوكي واجتاز دورات متخصصة في إدارة الغضب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي