الحبل غير المرئي
ربما يعرف أكثركم قصة الحمار مع الحبل أو الفيل مع السلسلة الواهية، سمعها أو قرأها، أو تناولها معلم أو مدرب ذات درس.
تقول القصة المعبرة، "ذهب فلاح إلى جاره يطلب منه حبلا لكي يربط حماره أمام البيت، أجابه الجار بأنه لا يملك حبلا، ولكن أعطاه نصيحة، قال له، يمكنك أن تقوم بالحركات نفسها حول عنق الحمار وتظاهر بأنك تربطه ولن يبرح مكانه.
عمل الفلاح بنصيحة الجار، وفي الغد وجد الحمار في مكانه تماما ربت عليه و أراد الذهاب به إلى الحقل، ولكن الحمار رفض التزحزح من مكانه حاول الرجل بكل قوته أن يحركه، ولكن دون جدوى.
أصاب الفلاح اليأس فعاد إلى الجار يطلب النصيحة، فسأله هذا الأخير، هل تظاهرت أمامه بأنك تحل رباطه؟
فرد عليه باستغراب، ولكن ليس هناك حبل!
أجابه، هذا بالنسبة إليك أما بالنسبة إليه الحبل موجود.
عاد الرجل وتظاهر بأنه يفك الحبل، ثم قاد حماره دون أدنى مقاومة هذه المرة".
انتهت القصة ولعلكم انتبهتم أن بعض البشر أيضا أسرى لذلك الحبل الخفي عبر الأفكار المعوقة التي تتحكم داخليا فيهم بالشكل الذي يجعلهم يفشلون في الأداء، خصوصا في طريق البحث عن النجاح، ومن أشهر هذه الأفكار التساؤل الدائم، كيف يراني الناس؟ يليها مباشرة سؤال، ماذا لو أخفقت؟
هذان السؤالان سببان أصيلان في معظم الفشل النفسي والعاطفي، ومن ثم الاجتماعي، وصولا إلى الشخصي والعملي، والمالي، وإلى آخر القائمة، ولعلنا بتنا اليوم أكثر قناعة أن مجموعات البشر الأكثر نجاحا على مستويات الأفراد والمجموعات ككل هم من تجاهلوا الأسئلة المثبطة، وتجاوزوها إلى صناعة الظروف والأفكار والانطباعات إن لم تكن موجودة وربطها بالمنجز الشخصي، ثم الأممي الحضاري، وليس بأي عامل آخر.
الأمر ليس حكرا على الأفراد، إنه يشمل أحيانا بعض المؤسسات وربما الدول والكيانات، وإن كانت صيغة السؤال مختلفة لكنها ليست بعيدة، إذ تدور في فلك الصورة الذهنية أو المكانة والشكل الأقوى حتى لو كان زائفا.
لو نظرنا إلى كل من النجاح والفشل بعين متجردة، لوجدنا كل منهما على حدة عبارة عن مجموعة معتقدات، أو أفكار، لذلك نجد أبرز الناجحين بعيدين نسبيا عن الأفكار المعيقة من حولهم، وعن الأوهام التي تركز على القشور وتبتعد عن جوهر الأشياء الحقيقي، والأمثلة كثيرة.
حرر فكرك، تتحرر إرادتك، وتتألق إنجازاتك.