Author

المصلحة الجمعية

|

تحكم مجموعة القوانين والأنظمة والتعليمات حياة وتعاملات المجتمعات البشرية، ولعل من المفيد التذكير دوما، أن هذه الأنظمة والتعليمات والقوانين ما هي إلا وسائل لحصول كل إنسان على أفضل فرصة، للإسهام في تحقيق تطلعاته وآماله بما يتوافق مع تحقيق الاحتياج العام للمجتمع.
يبرز بهذا السبب كثير من الفلاسفة والقادة المؤثرين على مر العصور، وتبقى نظرياتهم وإنجازاتهم دليلا على حضورهم وإسهامهم في زمن معين، مع اختلاف وجهات النظر في الحكم على آثار هؤلاء وتأثيرهم وصحة ما كانوا يبشرون به من مفاهيم وقيم، تبنتها مجتمعاتهم وأثرت في تاريخ أممهم.
يجب أن نذكر أنه ليس هناك اتفاق عام على أشخاص أو نظريات أو قوانين بين البشر، وهي الميزة الأكبر التي تؤدي إلى انتقال فكري وفلسفي ومجتمعي في أحوال ومستقبل كل الأمم التي عاشت على ظهر الأرض. هذا الاختلاف المقدر يجعل البحث في مفهوم موحد أمرا صعبا، ولكنه ليس من المستحيلات، فالمؤثر الأهم في كل الحالات هو النظام البيئي التي تنشأ فيه فلسفة ومفاهيم كل من ينظر في مجال أو مجتمع معين.
يهدف ما سبق إلى تأكيد نقطة مهمة أردت أن أؤكدها في هذا المقال ألا وهي ضرورة أن تحقق كل الأنظمة الفائدة الجمعية، وهو أمر لا بد من تحديده قبل الانطلاق لتنفيذ أي قانون أو نظرية على أرض الواقع. يسري هذا القول على مختلف مكونات القوانين الحاكمة للمجتمعات مهما كان حجم أو مساحة أثرها. ذلك أن تحديد المفاهيم والأغراض التي نريد، يجعلنا في موقف أكثر قربا من ضمان نجاح ما نبشر به وما ندعو الناس نحو تقبله والعمل به. فلو نظرنا إلى كل القوانين التي تحكم حياة الناس بهذه العدسة الدقيقة، سنجد أن القوانين الأكثر نجاحا واستمرارا هي التي حققت النفع الجمعي في كل المجتمعات البشرية.
كل الأمثلة التي يمكن أن تساق في المجال، لها من الأهمية القدر ذاته، فلو تكلمنا عن الأحكام الشرعية وكيفية قولبتها لوجدنا أنها تحقق في النهاية الفائدة الجمعية، سواء في حفظ حقوق الأغلبية أو حماية المستضعفين أو نشر الأمن على المساحات الأوسع، ويمكن أن نسهب في التمثيل إلى قوانين تحكم المرور أو التعامل المدرسي أو التعامل الإداري حتى تلك التي تأتي في أزمنة مختلفة، يسري عليها المفهوم نفسه، وهو ما يجب أن يفكر فيه كل من له حق التصرف في مجال يهم الناس، ألا وهو تحقيق المصلحة الجمعية.

إنشرها