Author

المسؤولية المالية

|
كنت ممن يقول باستحواذ النساء على الوظائف الجديدة، وهو قول عاطفي انفعالي، واليوم أحسب أنه ليس استحواذا بقدر ما هو استدراك - قدر الإمكان - لما فاتهن، وهو الاستدراك الذي ربما أساء البعض فهمه أو تطبيقه، لكن هذه ليست مشكلة المرأة، وبالطبع ليست مشكلة مستهدفات تقليص بطالة النساء.
في مقالي السابق تمنيت مزيدا من تمكين المرأة في سنتنا "السعودية" الجديدة حتى ذكرى اليوم الوطني المقبلة، وعلق مجهول هوية - أنعته بذلك لأنه اختبأ وراء اسم مجهول - بفكرة الاستحواذ نفسها، وزاد أن الشباب - يقصد الذكور منهم - عليهم مسؤوليات أكثر، وهو يقصد كما نعرف جميعا المسؤوليات المالية، الإنفاق على الأسرة بعد تكوينها، ودفع تكاليف الزواج المرهقة والمنهكة جدا في مجتمعنا.
حسنا، نظريا يبدو الحل سهلا، ويكمن في تقاسم هذه المسؤوليات المالية، أو بعضها على الأقل في هذه المرحلة، وهو يحدث في بعض الأسر والمجتمعات، لكنه ليس ثقافة سائدة، وربما حان الوقت، ليصبح ثقافة تتنامى مع تزايد دخول المرأة إلى سوق العمل، واستقلالها المادي الذي جعلها أكثر رؤية في قرار الزواج، وأكثر انتقائية في الاختيار طالما يتناقص الاضطرار المادي أو الاجتماعي من على كاهلها.
لا يمكن عد التطورات الاجتماعية في السعودية طارئة أو "مؤقتة"، وهي تطورات ستلقي بظلالها على"مؤسسة" الزواج كمفهوم، وممارسة، وأحسب أنه بعد المخاض الانتقالي ستتحسن هذه المؤسسة نسبيا إذا ما أصبحت التطورات الجديدة راسخة في العمق الاجتماعي.
تقاسم المسؤوليات المالية لا يعني التخلي عن مبادئ جميلة ومعبرة، مثل: صداق المرأة الذي له معنى أسمى من المال، لكنه يعني بالضرورة أن يكون معقولا، أن يقترب من الرمزية الجميلة لطلب القرب، ويبتعد عن التسليع، والتقاسم أيضا؛ يعني حفظ حقوق الطرفين، فالمرأة التي تسهم في تأسيس منزل - على سبيل المثال - تصبح شريكة فيه بالقانون.
تقاسم المسؤوليات المالية سيعني التوازن النسبي في القوامة، لأن وجه التفضيل القرآني في موضوع القوامة، أن الرجل له الضرب في الأرض لتحصيل المعيشة، ليكفل للمرأة سبل الحياة اللائقة عندما يقوم برعايتها، فإذا ما ضربت معه في الأرض لتكفل للأسرة مستوى معيشيا أفضل، فهي شريكة في التفضيل ومعادل أساس في توازن القوامة.
إذن، نحن إزاء توازن منشود في سوق العمل ربما ألقى بظلاله على توازنات اجتماعية أخرى، خصوصا فيما يتعلق باقتصاديات الأسرة، وحقوق الجانبين قبل وبعد الزواج، وربما تحسنت مستويات السعادة الزوجية الحقيقية.
إنشرها