Author

هرمون الكتابة

|
يجتاح الروح أحيانا كثير من المعاني التي تتبعثر أمامها الكلمات وتتعثر الحروف وتتلعثم الأصابع في محاولة تمرير الأفكار والمشاعر. وحدهم الكُتاب يفعلون ذلك ويمارسون تفريغ همومهم بوسائل مختلفة، لكنهم - مع الأسف - يتهمون بصناعة العزلة عمن حولهم، وهنا مشكلة الكُتاب بشكل عام!
مهما كان وضع الكاتب فهو يعيش في بيئته، والذي يعيش في المجتمع العربي يعرف جيدا أنه أسير بعض الالتزامات والطقوس الاجتماعية التي قد تجعله في خانة العزلة، أو لربما يصنف من فئة المتغطرسين أو المتكبرين لعدم انغماسهم جسديا مع المجتمع على الرغم من أنه يكتب عن شؤون المجتمع وما يهمهم ولأجلهم!
تقول الكاتبة رضوى عاشور، "الكتابة فعل أناني وطارد يفرض درجة من العزلة الداخلية، ينفيك عمن حولك أو ينفي من حولك، يضعهم على الرف إلى حين، لأنك حتى إن كنت تجلس معهم، تشاركهم، الأكل أو الكلام، فأنت في مكان آخر منشغل به"! هكذا هو فعل الكُتاب الذين يخالجهم الهم يوميا في اليقظة والحلم، ويضحون بوقتهم لأجل المجتمع والشأن الثقافي نحو التطوير والتغيير للأفضل نتيجة علمهم ومعرفتهم وقراءاتهم المتعددة، الذي - مع الأسف - لا يعرفه الآخرون؛ بل قد يضعونهم في خانة التندر.
إن حياة الكُتاب على كف عفريت، ووقتهم ملك هوايتهم التي ابتلوا بها! فهم يمارسون فعل الكتابة؛ ليس لأن هناك جريدة تنتظر مقالة أو ناشرا يبحث عن كتاب جيد للنشر أو تغريدة تفتش عن متابعين، بل لأن لديهم كمية هائلة من إفرازات هرمون الكتابة! هذا الهرمون الذي يشبك نضج العقل بجنون القلب، وأحيانا دونهما! إنه هرمون لا يعرف منبعه وكيف اكتشف! إنه هرمون لا يباع ولا يشترى!
إنشرها