default Author

عرش العلماء

|
لا بد أنك سمعت يوما عن أستاذ كرسي أو كرسي فلان واحترت فيما تعنيه هذه العبارة، وقد تتساءل أيضا لماذا يسمى رئيس مؤسسة ما أو جلسة علمية بـ"شيرمان" ورجل الكرسي إذا ترجمناها حرفيا.
فما علاقة الكرسي بهؤلاء الأشخاص ومن أين أتى ذلك المسمى وهل يتوجب عليه حمل كرسيه أينما ذهب؟.
يعتقد البعض أن هذا المسمى حديث وأننا اقتبسناه من الغرب ولا يدري أن هذا اللقب تجاوز عمره آلاف الأعوام ونشأ من حلقات العلم وروضات المساجد، حيث يتحلق الطلاب حول أستاذهم ومعلمهم أو شيخهم أيا كان لقبه في دوائر جلوسا على الأرض عكس العلماء الأجانب، يقال إن سقراط يعقد حلقاته وقوفا بينما يركض الطلاب خلف أرسطو لينهلوا من علمه. ومع الوقت وضع كرسي ليجلس عليه الأستاذ أو كبير العلماء والفقهاء فيرتاح في جلسته التي قد تطول لساعات يتعاقب فيها طلبة العلم عليه، كما أن جلوسه على الكرسي يتيح له رؤية وسماع طلابه بشكل أفضل. فيقال كرسي الحديث، أو النحو، أو الفقه، أو التفسير لفلان الفلاني ومثلها يقال رواق فلان أو عمود الشيخ فلان أي العمود الذي يجلس عنده الأستاذ ويلتف حوله الطلبة، وليس كل من أراد اتخذ له كرسيا وتحدث وإنما يتم منح الكراسي للأساتذة من قبل خليفة المسلمين أو من خلال لجنة من كبار العلماء تختاره بناء على علمه وشعبيته ومدى تأثيره في الناس، وقد يكون للأستاذ أكثر من كرسي في وقت واحد وفي أكثر من مسجد أو معهد علمي.
وتعرف الكراسي إما بالعلم المخصص له مثل كرسي الحديث النبوي أو كرسي التفسير، وإما باسم الأستاذ نفسه مثل كرسي ابن مالك، وقد تتوارث العائلة الواحدة الكرسي مثل "كرسي البرامكة"، والجميل أنه عندما يمنح عالم كرسي ما يبقى له العمر كله. وكان للأساتذة وحلقات العلم هيبتهم. يروى عن الإمام أبي حنيفة أنه كان يجلس والتلاميذ من حوله يسألهم ويسألونه ومن طول الجلسة أحس أبو حنيفة بألم في ساقه وأراد أن يمدها، ولكنه أحرج من أن يمدها في وجه أحد تلامذته الجالس قبالته دون أن ينبس ببنت شفة، حينها قال أبو حنيفة مخاطبا الطالب الصامت، تكلم حتى أراك، فتكلم الطالب وليته سكت فقد كان سؤاله مشوشا وغبيا عكس ما يوحي منظره، فانتهز أبو حنيفة الفرصة وقال، آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه. اصنع كرسيك بنفسك فالكراسي لا تدوم إلا لمن يستحقها.
إنشرها