التنوع البيولوجي والتعافي الاقتصادي «2 من 2»
لا يمكننا العمل على معالجة التنوع البيولوجي دون النظر أيضا في الأخطار التي تهدد الطبيعة وسبل كسب العيش للناس من جراء تغير الطقس، لأن فقدان الطبيعة وتغير المناخ وجهان لعملة واحدة. وفي إطار خطة العمل الخمسية الجديدة بشأن التغير التي أعلنت في حزيران (يونيو)، ستوائم مجموعة البنك الدولي جميع مواردها التمويلية مع أهداف اتفاق باريس، ونحن ندعم ذلك بمزيد من التمويل.
وعلى مدى الأعوام الخمسة المقبلة، فإننا سنوجه 35 في المائة من إجمالي مواردنا التمويلية، في المتوسط، نحو أنشطة العمل المناخي، بما في ذلك دعم الحلول القائمة على الطبيعة في المناطق البرية والساحلية والبحرية. ويعني ذلك توفير مزيد من التمويل للدول لخفض الانبعاثات عن طريق خفض الانبعاثات الكربونية من أنظمة الطاقة والنقل لديها، واستعادة غاباتها وغيرها من المناطق الطبيعية وحمايتها، وتغيير أنظمتها الغذائية، وبناء قدرة المجتمعات المحلية على الصمود في وجه آثار التغير، وإيجاد وظائف ومصادر رزق جديدة أكثر مراعاة للبيئة وللناس.
وفي إطار الاستجابة لأزمة الطبيعة، التي تشكل تهديدا منهجيا، من الضروري اتباع نهج شامل للاقتصاد بأكمله بغرض إحداث تحول في النشاط الاقتصادي والسياسات وقرارات الاستثمار التي تؤدي إلى فقدان الطبيعة. ووفقا لتحليل أجراه البنك الدولي، فإن أي خسائر اقتصادية بسبب التغيرات في السياسات التي تحول دون فقدان الطبيعة يمكن تعويضها بالكامل تقريبا من خلال المكاسب الاقتصادية الناجمة عن تحسين تقديم خدمات النظام الإيكولوجي.
تحدد ورقة تمهيدية صدرت أخيرا لمجموعة البنك الدولي بشأن التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية، ستة مجالات استجابة عالمية يمكن أن تضع الاقتصادات على مسارات أكثر استدامة. ونحثكم على النظر فيها خلال المناقشات المهمة التي جرت في المؤتمر العالمي لحفظ الطبيعة الذي يعقد هذا العام في مرسيليا. وهي:
- إشراك متخذي القرارات الاقتصادية والمالية في الجهود الرامية إلى حماية الطبيعة.
- دمج الحلول الطبيعية والحلول القائمة على الطبيعة في الاستثمارات في جميع القطاعات، ولاسيما تلك التي تضع أقصى الضغوط على الطبيعة.
- تعزيز منافع الحفاظ على الطبيعة وتقاسمها على نحو منصف مع المجتمعات المحلية.
- تعبئة التمويل من أجل الطبيعة من المصادر العامة والخاصة.
- وضع مقاييس وأدوات لدعم اتخاذ القرارات للاسترشاد بها في التخطيط والسياسات والقرارات المالية.
- الاستفادة من الشراكات لتعزيز التوافق في الآراء وإدارة المنافع العامة على نحو مستدام.
لا شك أن السياسات المراعية للطبيعة هي سياسات إيجابية يفوز فيها الجميع. ويمكن للاستثمار في الطبيعة أن يسهم في جهود التعافي من خلال إيجاد فرص العمل، واستهداف أشد المجتمعات المحلية فقرا، وبناء القدرة على الصمود على المدى الطويل. وتساند النظم الإيكولوجية السليمة الجهود الرامية إلى الحد من آثار تغير المناخ وتزيد من صلابة المجتمعات المحلية الأكثر عرضة للتأثر في مختلف أنحاء العالم وقدرتها على التكيف. وتشير تقديراتنا إلى أن الأهداف الطموحة، مثل حماية 30 في المائة من الأراضي والمحيطات بحلول 2030 (هدف “30x30”)، إنما هي أهداف في متناول اليد، وإن كانت تعتمد على العمل العالمي فيما بين القطاعات وداخلها.
ومن مسؤوليتنا الجماعية - من الشركات الخاصة إلى القطاع المالي وواضعي السياسات الحكوميين والمجتمع المدني - أن نلتزم باتخاذ إجراءات حاسمة لعكس اتجاه فقدان الطبيعة من خلال الحفاظ عليها، واستخدامها بأسلوب مستدام، وتقاسم منافع التنوع البيولوجي على نحو منصف. إننا بحاجة إلى الطبيعة كي نواصل عملية التنمية.