خطورة الشماتة

ما من خلق حميد إلا وحث عليه الشارع، وما من خلق ذميم إلا وحذر منه. ومن الأخلاق السيئة خلق الشماتة، الذي يتمثل في إظهار الفرح والسرور بما في الآخرين من عيوب، أو بما ينزل بهم من مصائب وأحزان، سواء بالقول أو الفعل أو الإشارة، فالشماتة عادة قبيحة مستهجنة، تتنافى مع مبادئ الإخوة والمحبة. ولصعوبة تحمل هذا السلوك الشائن، ورد في القرآن الكريم طلب هارون عليه السلام من أخيه موسى عليه السلام ألا يتيح فرصة للأعداء ليشمتوا به، "قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء.. الآية". وكان من مأثور دعائه صلى الله عليه وسلم "ولا تشمت بي عدوا ولا حاسدا". فالشماتة تنم عادة عن احتقار للمقابل، وهو أمر لا تقبله النفس البشرية التي تقبل التقويم، ولكنها لا تقبل التعيير، لأن في الأول نصيحة وفي الثاني شماتة وفضيحة. إن مما ابتلي به البعض هو ما ينشر في وسائل التواصل من التشمت بالآخرين وتتبع عوراتهم أو سقطاتهم ونشرها دون وازع من دين أو خلق. وفي الأثر: "لا تظهر الشماتة بأخيك فيرحمه الله ويبتليك".. وصدق الشاعر:
ومن ير بالأقوام يوما يرونه
معرة يوم لا توازي كواكبه
فقل للذي يبدي الشماتة جاهلا
سيأتيك كأس أنت لا بد شاربه
ويقول آخر محذرا:
يا أيها الشامت المبدي عداوته
ما بالمنايا التي عيرت من عار
تراك تنجو سليما من غوائلها
هيهات لا بد أن يسري بك الساري
والشماتة والحسد قرينان، تقول العرب: "إذا رأى الحاسد نعمة بهت، وإذا رأى عثرة شمت". وللشماتة آثار بالغة، فقد ثبت من خلال الاستقراء أن من شمت بآخر في أي أمر، فإنه لا يلبث أن يصاب به، أي أن الشامت تنعكس المصيبة عليه، فاحذر أن تعير عاصيا أو تشمت به، لأنك لا تأمن أن تقع فيما وقع فيه. يقول أحد الحكماء: "إني لأرى الشيء أكرهه فما يمنعني أن أتكلم فيه إلا مخافة أن أبتلى بمثله". ويكفي هذا الخلق سوءا أن له تأثير سلبي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي