كورونا والزومبي

حين اجتاح كورونا العالم قبل عامين، حل الذعر في قلوب الناس من هذا الفيروس الذي يفتك بلا رحمة جسد ضحيته حتى يجعل من التنفس بسهولة حلما من أحلامه. كان بمنزلة كابوس خيم على العالم بأسره ودفع الناس إلى الترقب بلهفة عن موعد إعلان لقاح يحمي منه - بإذن الله -، ثم كان اكتشاف هذا اللقاح وتصنيعه وطرحه في الأسواق ودعوة الناس إلى تلقيه كابوسا آخر، حيث انقسم الناس إلى قسمين: الأول كان مؤيدا بحماس ومبادرا بلا تردد في تلقيه والتعامل معه كما تم التعامل مع اللقاحات السابقة التي تلقاها البشر، كشلل الأطفال والحصبة والجدري وغيرها، والآخر لم يكتف بالرفض القاطع، بل أصبح يحرض الآخرين على عدم تلقي اللقاح بحجة نظرية المؤامرة، وأن اللقاح عبارة عن شرائح تزرع في الجسم تقوم بتغيير الخريطة الجينية، ما يؤدي إلى التحكم بالبشر على المدى الطويل بطريقة ما، وربما يتم تحويلهم إلى كائنات "زومبي"، ورغم طرافة الخيال إلا أن كثيرين فعلا صدقوا الأمر واعتقدوا أنهم سيتحولون إلى كائنات الزومبي، التي تقول الخرافة إنهم أموات أصيبوا بعدوى ما، ثم خرجوا من قبورهم ليسيروا في جماعات منظمة تسعى نحو تحقيق هدف واحد وهو نقل العدوى لمن حولهم حتى يتحولوا مثلهم، فكرتهم قائمة على التغذي على لحوم الأحياء ودافعهم الكراهية التي تعشش في بقايا أجسادهم المهترئة، ولأن شر البلية ما يضحك، فإني أتعجب من عدم إدراك البعض أن هناك طوائف من الزومبي تعيش بيننا حتى قبل ظهور الكورونا.
لا أعتقد أن بعض البشر يحتاجون إلى لقاح يحولهم إلى زومبي فأفراد هذه الطائفة لو أمعنا النظر، فسنجدهم منذ وقت طويل ما زالوا يمارسون طقوسهم الدموية القائمة على امتصاص أرواح الآخرين ونهش لحومهم وتشويه كل المعاني الجميلة في خيالهم، فالمتحرش بالأطفال والنساء هو زومبي في حقيقته، بل ربما يتفوق على الزومبي المحترف بمراحل "ببجاحته" بتوثيق مقاطعه، والأزواج والزوجات الأنانيون النكديون يصنفون من طائفة الزومبي، لأنهم يتغذون على امتصاص أرواح أبنائهم بلا رحمة، والمدير المتسلط الذي يعتقد أن كرسي الإدارة خاصة به هو زومبي أصيل يمتص إبداع وعطاء وطاقة موظفيه ويدفعهم إلى الروتين والبيروقراطية المقيتة، والأخ القاطع والصديق الخائن والجار المؤذي والتاجر "المشفوح" والابن العاق والحبيب المخادع وقس على ذلك أيضا، يصنفون على أنهم من طائفة الزومبي الأصيل.
وخزة:
كل من يحمل الكراهية للحياة والناس.. هو زومبي محترف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي