Author

الوظيفة الحكومية بعد نظام الانضباط

|
وافق مجلس الوزراء الأسبوع الماضي على نظام الانضباط الوظيفي، الذي يتضمن معايير جديدة لتقييم موظفي الحكومة وتهيئة بيئة العمل المطلوبة لضمان الإنجاز، وينص النظام على توحيد عقوبات الموظفين أيا كانت مراتبهم، ما يمنح الوزير المختص خيارات كثيرة بشأن حماية النظام العام وضمان حسن أداء الموظف وقيامه بواجباته بكفاءة وفاعلية، ما يتوافق مع أهداف برنامج التحول الوطني ضمن رؤية 2030، الذي نص على تحسين إنتاجية موظفي الحكومة.
ولو قرأنا عن مسيرة الوظيفة الحكومية في بلادنا منذ أن أوجدت الإدارة الحديثة في عهد الملك المؤسس، ثم تطورت تدريجيا لوجدنا أن الحكومة كانت هي الموظف الوحيد، ولم يكن للقطاع الخاص أي نشاط يتطلب التوظيف، وكانت شركة أرامكو أول جهة غير حكومية توظف عمالا برواتب مغرية في وقتها، ثم ظهر القطاع الخاص ولكنه لم يستطع منافسة الحكومة التي تتسم وظائفها بالأمان الوظيفي والدوام المريح والمرن والإجازات الطويلة. ولم تكن أيضا رواتب القطاع الخاص مغرية، ولذا ترى الشاب يلتحق بوظيفة في القطاع الخاص حتى يجد وظيفة حكومية.
وارتفعت الشكوى من رجال الأعمال أنهم يدربون الشباب ثم يتركون العمل لديهم فجأة للالتحاق بوظيفة حكومية حتى ولو براتب أقل، واقترح الدكتور غازي القصيبي، حينما كان وزيرا للعمل، توحيد المزايا بين القطاعين من حيث الرواتب وساعات العمل والإجازات ليكون خيار العمل في القطاعين متعادلا ولكن هذا الاقتراح لم يجد طريقه للتنفيذ، ثم رجحت كفة القطاع الخاص بعد أن ارتفعت الرواتب والمزايا في هذا القطاع، بينما ظلت رواتب ومزايا الوظيفة الحكومية كما هي وبفارق كبير، ولذا بدأت هجرة معاكسة من الوظيفة الحكومية إلى القطاع الخاص.
وفي الفترة الأخيرة التي شهدت تطبيق برامج رؤية 2030 تطلب الأمر استقطاب قيادات وكوادر لديها شغف بالإنجاز والإنتاج للعمل في القطاع الحكومي، وترتب على ذلك تحسين مستوى الدخل مع زيادة ساعات العمل التي تمتد أحيانا إلى منتصف الليل، ومن هنا جاء النظام الجديد لضبط سلوك الموظف الحكومي بعد أن نال حقوقه التي كان يطالب بها. وهكذا فإن ضمان الإنتاجية وجودة العمل يتطلب توازنا بين حقوق وواجبات الموظف سواء كان في الحكومة أو القطاع الخاص.
وأخيرا: تستحق بلادنا هذه الخطوات التطويرية التي تقوم بها القيادة في مختلف المجالات، وضبط أداء الجهاز الوظيفي عن طريق تفعيل الثواب والعقاب لأي موظف حكومي مهما كان مركزه أو درجته وسيضمن تحسنا بدأ المواطن أخيرا يحس به حينما تخلص من صفوف الانتظار الطويلة لإنجاز خدمات بسيطة يحتاج إليها في حياته اليومية. وبعد تطبيق نظام الانضباط لم تعد الوظيفة الحكومية للوجاهة والأمان الوظيفي على حساب الإنتاجية التي أصبحت أهم المعايير في الخدمة الحكومية كما هي في القطاع الخاص.
إنشرها