Author

هل شركتك زومبي؟

|

أستاذ الطاقة الكهربائية ـ جامعة الملك سعود

[email protected]

نكاد نجزم أيها القارئ الكريم أنه قد مر عليك مشهد فيلم هوليوودي يحكي أناسا زومبيين Zombies وهم الأحياء الأموات الذين يعدون جثثا متحركة في أفلام الرعب والعنف المقترن بالدماء والعيون الفارغة، ويثارون بفعل سحر منقطع النظير كجانب من الخيال العلمي. أو قد ترى شخصية الزومبي في بعض القصص المرعبة وألعاب الفيديو والرسوم المتحركة التي أصبحت كثيرا ما تعرض على القنوات والبرامج التلفزيونية الترفيهية ومجلات الكرتون الهزلية أو قد تراها في أعياد الهالووين. دعونا ننتقل إلى الواقع العملي والاقتصاد السياسي حيث يطلق على الشركة أنها زومبي إذا احتاجت إلى عمليات إنقاذ من أجل البقاء في سوق العمل، أو شركة ذات ديون قادرة على سداد الفائدة على ديونها لكن لا تستطيع سداد رأس المال المدان، رغم أنها تدر نقودا بعد تغطية التكاليف الثابتة والتشغيلية.
وتعتمد عادة على إعادة تمويل الديون المستحقة لاستمرار وجودها وقد تواجه مخاطر الملاءة المالية في حالة ارتفاع أسعار الفائدة أو انسحاب المستثمرين من التمويل الإضافي، بمعنى أنها شركة حية وميتة وتعيش على سحر تمويل الديون. نشأ مصطلح شركة الزومبي في اليابان لوصف الشركات التي كانت تولد نقودا كافية لسداد فوائد مستحقة على ديونها فقط.
وفي أواخر عام 1991، واصلت البنوك اليابانية دعم الشركات الضعيفة أو الفاشلة بدلا من تركها عرضة للإفلاس بعد انهيار فقاعة أسعار الأصول اليابانية. على سبيل المثال شركة دايي Daiei اليابانية في صناعة التجزئة التي توسعت بشكل كبير ثم انهارت وكانت على وشك أن تدخل الحراسة القضائية أو الإفلاس. وفي عام 2008، استعاد مصطلح شركة زومبي تداوله في وسائل الإعلام للشركات التي تتلقى عمليات الإنقاذ من برنامج إغاثة الأصول المتعثرة في الولايات المتحدة إبان الأزمة المالية الخانقة آنذاك. وفي عام 2016، هيمن الانكماش الاقتصادي في الصين واعترفت حكومة البلاد بمشكلات في الشركات الصناعية، مثل الأسمنت والصلب وغيرها، بحكم أنها أصبحت زومبي عمليا. لقد ازدادت القدرة الإنتاجية بصورة عالية، ما أدى إلى خسارة العمل الناتجة 1.8 مليون وحدة فائضة عن الحاجة وإجمالي فائض عمالة بنحو ستة ملايين عامل.
ولذا قامت الحكومة بغلق أو إعادة تنظيم عديد من الشركات الصناعية المملوكة للدولة. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، يوجد ما لا يقل عن 600 شركة زومبي من أصل 3000 شركة كبيرة مع ديون تبلغ 2.6 تريليون دولار، ولا تحقق المال الكافي لتغطية الفوائد المستحقة على الديون المتراكمة. على سبيل المثال، شركة مايسيز Macy's وكارنفال وإكسون موبيل وماريوت إنترناشيونال وأربع شركات طيران رئيسة (دلتا ويونايتد وأمريكان وساوث وست)، وليس من المستبعد أن يكون لجائحة كورونا دور في لصق مصطلح زومبي بها.
ويطلق اسم زومبي على الشركات ذات العلاقة في أسواق الأسهم وهي التي أدرجت في السوق لكنها تكسب ما يكفي من المال فقط لتغطية تكاليف التشغيل والخدمة وفي الوقت ذاته غير قادرة على سداد ديونها.
لا تزال شركات الزومبي تمارس الأعمال التجارية لكنها غارقة في الديون، ووفقا لبحث أجراه بنك فنلندا فإن نحو ثلثي شركات الزومبي تتعافى في النهاية، بينما يستغرق نصفها تقريبا ثلاثة أعوام لكسر التعويذة السحرية عليها، ويستغرق 15 في المائة أكثر من خمسة أعوام، وقد تعلن الإفلاس والموت رحمة على روحها المديونة. ومن المتوقع مشاهدة عدة شركات في أسواق الديون ولقطات مثيرة لشركات الزومبي بعد اجتياح جائحة كورونا. ونختم بالسؤال لك أيها المدير أو الرئيس التنفيذي: هل شركتك زومبي؟
إنشرها