Author

هل التقييم عادل؟

|
يشكل رأي العميل والمراجع لأي جهة، أهمية كبيرة لها في قياس جودة خدماتها والعمل على تحسينها، لذلك يعد التقييم الذي تطلبه أي جهة من عملائها أبرز المعايير وأحد أهم الأدوات التي تمكنها من معرفة مدى رضا عملائها عن خدماتها المقدمة من خلال تعامل موظفيها مع الجمهور، بل خصصت بعض الشركات بدلات ورواتب أعلى لموظفيها الأكثر احتكاكا مع العملاء تشجيعا وتحفيزا لهم لخدمة العميل بأفضل طريقة وأسرع وقت، حيث يعدون واجهة لها.
لذلك، أتاح عديد من الجهات في القطاعين العام والخاص مشاركة المواطنين من المراجعين أو العملاء في تقييم مستوى جودة الخدمة المقدمة لهم، وحرصت على استقبال ملاحظاتهم واقتراحاتهم بهدف التطوير والتحسين والارتقاء بالخدمات التي تقدمها هذه الجهات لتنال رضا العميل وتنافس بجودة خدماتها نظيراتها في الدول المتقدمة، وهو ما تطمح بالوصول إليه قيادتنا الرشيدة في مستوى رضا المواطن والتنافسية في تقديم خدمات بجودة عالية. لفت نظري في بعض الجهات الحكومية والخاصة طلب تقييم العميل أو المراجع للموظف الذي يقوم بخدمته، وغالبا ما تبدأ الخيارات براض تماما، وراض، ومحايد، وانتهاء بغير راض، وأحيانا يكون التقييم بالاختيار بين عدة أرقام تبدأ وتنتهي بالفكرة نفسها.
وأن تبادر هذه القطاعات وتحرص على رأي المراجع لها أو المستفيد من خدماتها، سواء كان ذلك بالحضور من خلال زيارة المقر أو الهاتف وتتيح له الحرية باتخاذ رأيه وتقييمه عن مستوى الخدمة المقدمة له، برأيي الشخصي على الرغم من جمال وأهمية هذه الخطوة، إلا أنها تبقى غير مكتملة إلا عندما يكون العميل على علم بالمدى الزمني والوقت الطبيعي الذي تستغرقه تلك الخدمة، لتكون الصورة أكثر وضوحا وعدالة للطرفين معا، العميل وموظف الخدمة. ولكي تتضح الصورة أكثر، دعوني أضرب مثالا على قطاع الاتصالات والمصارف، وهما أكثر الجهات احتكاكا بالعملاء خلال اليوم على مدار الساعة، فمن المعلوم أن تقييم العميل، رغم أهميته، يبقى غير مكتمل العدالة إن لم يقترن ذلك بعلمه التام عن وقت إنجاز الخدمة المقدمة له وبحدها الأدنى!
فعلى سبيل المثال لا الحصر، فتقييم العميل لموظف البنك أو شركة اتصالات - بغير راض - عن خدمة تستغرق عادة عشر دقائق من خلال تعامل الموظف مع متطلبات النظام الذي يحتاج إلى ملء عدة خانات وصفحات، بينما العميل يرى أنها لا تحتاج إلا إلى دقيقتين من الزمن، وبالتالي يجحف بحق الموظف عند تقييمه بغير راض! ودون شك، فتكرار هذا التقييم غير العادل سيعود بالضرر على الموظف والجهة التي يمثلها عموما. وحتى لا نكون مجحفين أيضا، وحتى لا يفهم أننا نصب جام غضبنا على العميل فقط، فقد يحدث العكس تماما، فربما تكون هناك خدمة لا تستغرق من الموظف أكثر من دقيقتين، لكنه وبكسل وعدم مبالاة ينتهي منها خلال 20 دقيقة، وفي النهاية قد يحصل على تقييم راض تماما مستغلا جهل العميل بالوقت الفعلي لإنهاء خدمته! لذلك، من المنصف لكلا الطرفين معا معرفة كل منهما بما تتطلبه وتفرضه الأنظمة من وقت لكل خدمة مقدمة، ويبقى الإنصاف عزيزا، والكمال لله وحده.
وحتى نرفع من مستوى الخدمات، لا بد من معالجة بعض المواقف المتكررة بشكل سليم، ولنعلم أن لكل ثغرة مستغلا ومتضررا منها.
إنشرها