عصر جديد من مسؤولية الشركات «2 من 2»

عندما يتلقى المسؤولون التنفيذيون المفوضون بطريقة غير منضبطة تفويضا غامضا لملاحقة مصالح أصحاب المصلحة كما يرون مناسبا، فمن المحتم أن تأتي الانتهاكات نتيجة لذلك. ربما يقوم بعض الشركات بتحويل ملايين الدولارات إلى مشاريع يملكها رؤساؤها التنفيذيون لرعاية حيوانات أليفة، على سبيل المثال "سواء كانت هذه الشركات متحف متروبوليتان للفنون أو برنامج المدارس العامة ذات الإدارة الخاصة"، أو لأسباب خيرية هي في حقيقة الأمر مجرد أشكال مستترة من استغلال النفوذ.
في ظل هياكل الحوافز الحالية، لا يوجد ما قد يمنع الشركات من جمع كميات هائلة من بيانات المستهلكين، والسطو على سلطة العمال والمواطنين، وإنشاء أشكال جديدة استبدادية من المراقبة حتى رغم حرصهم على الإعلان عن أعمالهم الخيرية وفضائلهم. ومن المؤكد أن لا شيء قد يمنعهم من السعي وراء الأتمتة المفرطة للحد من تكاليف العمالة، وتدمير الوظائف لمجرد كسب بضعة دولارات إضافية لمصلحة المساهمين. يمر الطريق إلى عكس هذه الاتجاهات المعادية للمجتمع عبر نهج ذي شقين، ويختلف تمام الاختلاف عن تفضيلات المشاركين في المائدة المستديرة.
أولا، لا بد من تعزيز القيود القانونية والمؤسسية المفروضة على كبار المسؤولين التنفيذيين. لفترة طويلة للغاية، كان المديرون حريصين على تجنب الملاحقة الجنائية بسبب سلوكياتهم الإجرامية. حتى الانتهاكات الجسيمة التي أدت إلى أزمة 2008 المالية مرت دون أي عقاب تقريبا. وكما يشير الصحافي جيسي آيسنجر، يدين المشهد القانوني الذي يحابي المسؤولين التنفيذيين بكثير إلى ميل مدعي العموم الطموحين الأنانيين إلى تجنب التهم الجنائية الموجهة إلى الشركات والمديرين من أجل تعزيز حياتهم المهنية.
الأمر الأكثر أهمية أننا في احتياج إلى تشريع يضع خطوطا حمراء أكثر وضوحا. ولا ينبغي ترك الأمر للمسؤولين التنفيذيين فيما يتصل باتخاذ القرار بشأن الانخراط في عمليات التهرب الضريبي العدوانية ثم دفع العائدات لأنفسهم. وليس من الجائز أن يكون الحد من البصمة الكربونية أمرا اختياريا للشركات. ونحن في احتياج شديد إلى إعادة توجيه التغير التكنولوجي من خلال دفع الشركات بعيدا عن الأتمتة المتواصلة. تؤثر كل هذه القضايا في آفاقنا في الحفاظ على مجتمع عامل، وليس من الجائز أن تترك لحسن نوايا المسؤولين التنفيذيين الذين لا يبالون إلا بمصالحهم الشخصية.
الشق الثاني مكمل للأول. تشير شركات مثل إكسون موبيل، وفيليب موريس، وفيسبوك إلى الفضيلة؛ لأنها تتعرض لضغوط متزايدة من جانب المجتمع المدني، وليس لأن مسؤوليها التنفيذيين أصبحوا فجأة أكثر حماسا للمصلحة العامة. هذا النوع من الضغوط مطلوب الآن لمنع أي إصلاحات من شأنها أن تعطي المسؤولين التنفيذيين مزيدا من حرية التقدير والتصرف. لكن النشاط المدني يعمل على نحو أفضل عندما تحدد القوانين ما يعد سلوكا غير مقبول من جانب الشركات، سواء كان التهرب الضريبي، أو الأتمتة المفرطة، أو التلويث، أو الحيل المحاسبية لإثراء المساهمين والمديرين الجشعين.
ليس هناك من الأسباب ما يحملنا على الاعتقاد أن شركات مثل إكسون موبيل، وفيليب موريس، وفيسبوك ملتزمة بإصلاح نماذج أعمالها المدمرة اجتماعيا. بل تعكس جهودها في مجال العلاقات العامة الضغط الذي تشعر به. بدأ النشاط المدني يؤتي ثماره، وقد يصبح حتى أكثر فاعلية. لكن هذا يتطلب تنظيما أفضل ومطالبات أقوى ضد الشركات - وليس حملات التغطية والتمويه المصممة لنزع فتيل الانتقادات وتسريح المنتقدين. الحق: إن مسؤولية الشركات أعظم أهمية من أن تترك لقادة الشركات.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي